الكتاب المقدس

رؤيا داود عن المسيح الملك والكاهن الأبدي

**قصة مزمور ١١٠: المسيح الملك والكاهن**

في قديم الأيام، حين كانت الشعوب تتخبط في ظلام الخطيئة والضلال، أعلن الربّ نبوة عظيمة على لسان داود النبي، ملك إسرائيل الحكيم. فقد رأى داود، بعينَي الإيمان، رؤيا مدهشة عن المسيح الآتي، الملك المنتصر والكاهن الأبدي. فجلس ذات ليلة في قصره في أورشليم، تحت وهج المصابيح الذهبية، وأخذ يرتل بالروح القدس قائلاً:

**”قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ.”** (مزمور ١١٠: ١)

تلك الكلمات العظيمة كانت تتردد في أذنيه كالرعد، وكأن السماء نفسها تتكلم. فقد رأى داود، بروح النبوة، مشهدًا مهيبًا: الربّ الآب يدعو ابنه الحبيب، المسيح، ليجلس عن يمينه في المجد. هذا المكان لم يكن لملك أرضي، بل لربٍّ سيد الكون، الذي سيسحق كل قوى الشر تحت قدميه.

وفجأة، امتلأ قلب داود بالروح القدس، فرأى جيوشًا لا تُحصى من الملائكة تحيط بالعرش السماوي، تهتف: “قدوس، قدوس، قدوس!” ورأى المسيح، كأسد يهوذا، قادمًا بقوة ليدين الأحياء والأموات. الأعداء، أولئك الذين رفضوا نعمته، سيُطرحون أذلاء تحت حكمه العادل. حتى الشيطان نفسه، ذلك التنين العتيق، سيُسحق إلى الأبد.

ثم استمر داود في ترنيمه بنفس ملتهبة:

**”يُبْعِثُ الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ، فَتَحْكُمُ فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ.”** (مزمور ١١٠: ٢)

تخيل داود المسيح، ذلك القضيب القوي، الذي سيخرج من أورشليم السماوية، ليس بحربٍ بالسيوف، بل بكلمة الحق. شعبه سيكونون أبرارًا، مختارين بمحض النعمة، وسيسيرون في نور وجهه إلى الأبد.

لكن أعظم ما في النبوة كان ما جاء بعد ذلك:

**”أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ.”** (مزمور ١١٠: ٤)

هنا ارتعد داود من عظمة السرّ! ففي شريعة موسى، كان الملك والكاهن منفصلين. لكن المسيح سيجمع بين التاج والمذبح! فهو ليس ككهنوت هارون الزائل، بل ككهنوت ملكي صادق، ذلك الكاهن الغامض الذي بارك إبراهيم قديمًا. المسيح سيقدم ذبيحة واحدة مقدسة، دمه الكريم، ليكفر عن خطايا العالم كله.

وتكلم داود عن يوم المجد العظيم، حين يُظهر المسيح قوته:

**”يَحْكُمُ بَيْنَ الأُمَمِ، يَمْلأُهَا جُثَثًا، يَسْحَقُ رُؤُوسَ فِي الأَرْضِ الْكَثِيرَةِ.”** (مزمور ١١٠: ٦)

لكن وسط الدينونة، سيكون هناك رجاء. فالمسيح، ذلك الملك الغالب، هو أيضًا الراعي الحنون الذي سيروي عطش النفوس من نهر الحياة.

وهكذا، أغمض داود عينيه وهو يبتسم، لأنه رأى بعين الإيمان مخلص العالم، يسوع المسيح، الملك إلى الأبد، الكاهن الأعظم، ورجاء كل المؤمنين.

**الخلاصة الروحية:**
مزمور ١١٠ هو نبوة واضحة عن لاهوت المسيح وعمله الكفاري. فهو يجلس الآن عن يمين الآب، وسيعود ليدين الأحياء والأموات. لكنه أيضًا يشفع فينا ككاهننا الأعظم. فلنثق فيه، لأنه غلب العالم، وسيملك إلى الأبد!

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *