**قصة إرميا 3: رجوع إسرائيل الخائنة**
في تلك الأيام، عندما كانت مملكة إسرائيل الشمالية قد سقطت في أيدي الأشوريين، ومملكة يهوذا الجنوبية تتمايل بين الولاء للرب وعبادة الأوثان، قام الرب بكلمته إلى النبي إرميا. كانت أورشليم، المدينة المقدسة، تشبه امرأة خائنة تترك زوجها المحب وتذهب وراء عشاقها.
بدأ الرب حديثه مع إرميا بصوت حزين لكنه مليء بالرحمة: **”اذْهَبْ وَصِحْ بِهَذَا الْكَلاَمِ نَحْوَ الشَّمَالِ وَقُلْ: ارْجِعِي أَيَّتُهَا الْمُرْتَدَّةُ إِسْرَائِيلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. لَنْ أُسْقِطَ غَضَبِي عَلَيْكِ، لأَنِّي رَحِيمٌ، يَقُولُ الرَّبُّ. لَنْ أَحْفَظَ غَضَبِي إِلَى الأَبَدِ.”**
كانت إسرائيل، الممثلة في المملكة الشمالية، قد تزحزحت عن الرب واتبعت آلهة غريبة، فعاقبها الرب بتشتيتها بين الأمم. أما يهوذا، أختها الجنوبية، فرغم أنها رأت ما حدث لإسرائيل، إلا أنها لم تتعظ، بل زادت في خيانتها. كانت تذهب إلى التلال وتنحني أمام الأصنام، كامرأة تبحث عن عشاقها في كل مكان.
قال الرب لإرميا: **”وَإِذْ رَأَتِ الْمُرْتَدَّةُ إِسْرَائِيلُ أَنَّنِي قَدْ طَلَّقْتُهَا، أَعْطَتْ صَكَّ طَلاَقِهَا، لَمْ تَخَفْ يَهُوذَا أُخْتُهَا، بَلْ مَضَتْ وَزَنَتْ هِيَ أَيْضًا.”**
كانت الخطيئة كالوباء ينتشر، فبدلاً من أن تخاف يهوذا من مصير أختها، زادت في شرها. بنوا المعالي، حيث كانوا يقدمون البخور للأصنام، وتحت كل شجرة خضراء كانوا يسجدون للأوثان. لكن الرب، في رحمته، كان يناديهم: **”ارْجِعِي يَا بَنِي الْمُرْتَدِّينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأَنِّي أَنَا سَيِّدٌ لَكُمْ.”**
ثم وعدهم بقيادة رعوية جديدة، قائلاً: **”وَأُعْطِيكُمْ رُعَاةً قَلْبِي فَيُرْعُونَكُمْ بِمَعْرِفَةٍ وَفِطْنَةٍ.”** كان هذا وعدًا بمجيء المسيا، الراعي الصالح الذي سيجمع الخراف الضالة.
لكن هل ستعود إسرائيل حقًا؟ هل ستتوب يهوذا؟ كانت الدموع في عيني إرميا تعكس حزن الرب. ومع ذلك، كانت هناك بصيرة أمل: **”فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يُدْعَى أُورُشَلِيمُ: عَرْشُ الرَّبِّ، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ الأُمَمِ.”**
فيا لرحمة الرب! حتى بعد كل هذه الخيانة، كان مستعدًا أن يقبل توبتهم لو رجعوا إليه بقلب صادق. وهكذا ظل إرميا ينادي بالرجوع إلى الرب، لأن نعمته أعظم من خطاياهم.