**قصة هوشع 14: رجوع القلب التائب**
في الأيام التي سبقت سقوط مملكة إسرائيل، كان النبي هوشع ينقل كلمة الرب بشفقة وألم. كان الشعب قد ابتعد عن الله، وعبد الأصنام، واتكل على القوى الأجنبية بدلًا من الاتكال على خالقه. ولكن في وسط هذا الظلام، أعلن الرب رسالة رجاء وغفران من خلال نبيه.
جلس هوشع على تلة مطلة على السهل حيث كانت قطعان الغنم ترعى، لكن الأرض التي كانت يومًا خصبة أصبحت جافة بسبب خطيئة الشعب. رفع عينيه إلى السماء وتنهد، ثم أخذ يكتب الكلمات التي أعلنها له الرب: **”ارْجعُوَا يَا إِسْرَائِيلُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكُمْ، فَإِنَّكُمْ قَدْ تَعَثَّرْتُمْ بِذَنْبِكُمْ.”** (هوشع 14: 1). كانت الكلمات ثقيلة لكنها حنونة، كنداء أب لابن ضال.
تخيل هوشع الشعب وهم يقرأون هذه الكلمات، وكيف سيتجاوبون. هل سيرجعون؟ هل سيدركون أن كل محاولاتهم للنجاة بأنفسهم قد فشلت؟ فقد قال الرب: **”خُذُوا مَعَكُمْ كَلَامًا وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: ارفع كُلَّ ذَنْبٍ وَاقْبَلْ حُسْنًا، فَنُقَدِّمَ ثِمَارَ شَفَتَيْنَا.”** (هوشع 14: 2). لم يكن الرب يطلب ذبائح بلا روح، بل قلبًا منكسرًا يعترف بالخطيئة ويطلب الغفران.
ثم واصل هوشع كتابة الوعد الإلهي: **”لَنْ يُخَلِّصَ أَشُّورُ، وَلَنْ نَرْكَبَ عَلَى خَيْلٍ، وَلَنْ نَقُولَ بَعْدُ لِصَنَائِعِ أَيْدِينَا: آلِهَتُنَا.”** (هوشع 14: 3). كان الرب يريدهم أن يقطعوا كل اتكال على القوى البشرية والأصنام، وأن يعودوا إليه وحده، لأنه هو المصدر الحقيقي للبركة.
ثم انسكبت كلمات النعمة كالمطر على أرض عطشى: **”أَشْفِي ارْتِدَادَهُمْ. أُحِبُّهُمْ بِاخْتِيَارٍ، لأَنَّ غَضَبِي قَدِ ارْتَدَّ عَنْهُمْ.”** (هوشع 14: 4). يا له من وعد عجيب! فبالرغم من كل الشرور، كان قلب الله يشتاق إلى مصالحة شعبه.
وتكلم الرب بصورة جميلة عن مستقبلهم إن تابوا: **”أَكُونُ كَالنَّدَى لِإِسْرَائِيلَ. يَتَفَتَّحُ كَالسَّوْسَنِ، وَيَضْرِبُ أُصُولُهُ كَلُبْنَانَ.”** (هوشع 14: 5). النَّدَى الذي يروي الأرض في الصباح، والزهرة التي تتفتح بجمال، والأشجار القوية التي تثبت جذورها في الأرض—كل هذه الصور تظهر كيف سيعيد الله الحياة والبركة لشعبه إذا رجعوا إليه.
وتابع الوعد: **”يَذْهَبُ فُرُوعُهُ، وَيَكُونُ جَمَالُهُ كَالزَّيْتُونَةِ، وَرَائِحَتُهُ كَلُبْنَانَ.”** (هوشع 14: 6). سيعود إسرائيل إلى مجده، وسيمتلئ بالحياة والجمال الروحي.
ثم ختم الرب كلامه بدعوة للحكمة: **”يَرْجِعُ الْجَالِسُونَ فِي ظِلِّهِ. يُحْيُونَ كَالْقَمْحِ، وَيَتَفَتَّحُونَ كَالْكَرْمَةِ. يَكُونُ ذِكْرُهُمْ كَخَمْرِ لُبْنَانَ.”** (هوشع 14: 7). كل من يلجأ إلى الله سيجد الراحة والازدهار.
وأخيرًا، جاءت الكلمات الأخيرة لتوضح الفرق بين الله والأصنام: **”أَفْرَايِمُ: مَا لِي وَالأَصْنَامُ بَعْدُ؟ أَنَا أَسْمَعُهُ وَأُعِينُهُ. أَنَا كَسَرْوَةٍ خَضْرَاءَ. مِنّْي يوجَدُ ثَمَرُكَ.”** (هوشع 14: 8). الله وحده هو المصدر الحقيقي للحياة، وكل من يلتصق به سيحمل ثمرًا حقيقيًا.
وهكذا، ختم هوشع النبوة بكلمات الحكمة: **”مَنْ هُوَ حَكِيمٌ فَلْيَفْهَمْ هَذِهِ. مَنْ هُوَ فَطِنٌ فَلْيَعْرِفْهَا. فَإِنَّ طُرُقَ الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ، وَالأَبْرَارُ يَسْلُكُونَ فِيهَا، أَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَيَعْثُرُونَ فِيهَا.”** (هوشع 14: 9).
فهل سيتوب الشعب؟ هل سيفهمون أن الرب ينتظرهم بذراعيه المفتوحتين؟ الجواب كان بينهم وبين الله، لكن الكلمة أُعلنت: من يرجع إليه سيجد غفرانًا، وحياة، وبركة لا تنتهي.