**قصة مزمور ٢٧: النور في الظلمة**
في قديم الأيام، حين كانت جبال أورشليم تلامس السحاب، وكان هيكل الرب يشعّ بمجد لا يُوصف، عاش رجل اسمه ألياقيم. كان رجلاً تقياً، يحب الرب من كل قلبه، لكن حياته لم تكن خالية من المحن. فقد سكن في زمن اضطهاد، حيث الأشرار كثر، والظلم انتشر كالضباب الكثيف.
كان ألياقيم يبدأ يومه قبل شروق الشمس، يتوجه نحو الكنيسة الصغيرة التي بناها على تل قريب من بيته. هناك، كان يرفع صوته بالصلاة: **”الرُّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرُّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟”** (مزمور ٢٧: ١). كانت كلماته تخرج من أعماقه كالنهر الجاري، ممزوجة بالإيمان والثقة بالله.
وفي أحد الأيام، بينما كان يصلي، سمع أصوات أعدائه يقتربون. كانوا رجالاً أشراراً، يتربصون به لسبب واحد: لأنه رفض أن ينحني لأصنامهم. همس الشيطان في قلبه بخوف، لكن ألياقيم تذكر كلمات المزمور: **”إِذَا تَقَدَّمَ عَلَيَّ أَشْرَارٌ لِيَأْكُلُوا لَحْمِي، مُضْطَهِدِيَّ وَأَعْدَائِي عَيْنَهُمْ، هُمْ عَثَرُوا وَسَقَطُوا”** (مزمور ٢٧: ٢). فأغلق عينيه وتنهد براحة، عالماً أن الرب سيكون معه.
وعندما اقتحم الأعداء الكنيسة، وجدوا ألياقيم جالساً بهدوء، وكأنه في انتظارهم. قال زعيمهم بصوت مملوء بالكراهية: “لماذا لا تخاف؟ ألا ترى أننا قادرون على إنهاء حياتك الآن؟” لكن ألياقيم نظر إليه بعينين تشعان بالإيمان وأجاب: **”وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ وَأَتَفَرَّسَ فِي هَيْكَلِهِ”** (مزمور ٢٧: ٤).
فتعجب الأشرار من شجاعته، لكنهم أخذوه بقسوة إلى السجن. هناك، في الظلمة، حيث الصمت مخيف واليأس يتربص، لم يفقد ألياقيم رجاءه. بل كان يرفع صوته في الليل، يبتهل إلى الله: **”اسْتَمِعْ يَا رَبُّ صَوْتِي إِذْ أَدْعُو. وَارْحَمْنِي وَاسْتَجِبْ لِي”** (مزمور ٢٧: ٧).
وفي اليوم الثالث، بينما كان الحراس يسخرون منه، حدث شيء عجيب. فجأة، اهتزت الأرض، وانهارت أبواب السجن بقوة غير مرئية. خاف الحراس وهربوا، بينما ظهر نور إلهي يملأ الزنزانة. وسمع ألياقيم صوت الرب يهمس في قلبه: **”لاَ تُخْفِ وَجْهَكَ عَنِّي. لاَ تَصْرِفْ عَبْدَكَ بِغَضَبٍ. إِنَّكَ كُنْتَ عَوْنِي. لاَ تَطْرَحْنِي وَلاَ تَتْرُكْنِي يَا إِلَهَ خَلاَصِي”** (مزمور ٢٧: ٩).
خرج ألياقيم من السجن حراً، وعاد إلى بيته وسط ذهول الجميع. ومنذ ذلك اليوم، صار يكرز بقوة المزمور السابع والعشرين، قائلاً للناس: **”تَرَقَّبُوا الرَّبَّ. لِتَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكُمْ، وَتَرَقَّبُوا الرَّبَّ”** (مزمور ٢٧: ١٤).
وهكذا، عاش ألياقيم شاهداً على أن من يتكل على الرب لا يُخزى أبداً، لأن نور الله أقوى من أي ظلمة، وحمايته أصدق من كل خوف.