**القصة الكاملة ليوحنا 20: لقاء مع القائم من الموت**
في فجر اليوم الأول من الأسبوع، بينما كانت الشمس تبدأ ببث خيوطها الذهبية فوق أفق أورشليم، كانت مريم المجدلية قد وصلت إلى القبر حيث دُفن يسوع. كانت السماء لا تزال مائلة إلى لونٍ أرجواني، والهواء يعبق برائحة الزيتون والزهور البرية. لكن قلب مريم كان مثقلاً بالحزن، فقد جاءت لتهتم بجسد معلمها الحبيب، الذي صُلب ووضع في القبر منذ ثلاثة أيام.
وبينما كانت تقترب من المكان، لاحظت شيئاً غريباً. الحجر الضخم الذي كان يُغلق مدخل القبر قد دُحرج عن فتحته! ارتعدت فرائصها، فأسرعت عائدة إلى بطرس والتلميذ الذي كان يسوع يحبه، وقالت لهم بصوتٍ مرتجف: “أخذوا السيد من القبر، ولستُ أعلم أين وضعوه!”
سمع بطرس والتلميذ الآخر كلماتها، فانطلقا بكل ما أوتيا من قوة نحو القبر. كان التلميذ الذي أحبه يسوع أسرع من بطرس، فوصل أولاً، وانحنى لينظر داخل القبر. رأى الأكفانَ الكتانية موضوعةً على الأرض، لكنه لم يدخل. ثم وصل بطرس، ودخل بجرأة إلى داخل القبر. نظر حوله فرأى الأكفان موضوعةً بانتباه، والمنديل الذي كان على رأس يسوع مطوياً بعناية في مكانٍ منفصل. عندها دخل التلميذ الآخر أيضاً، ورأى كل شيء، فآمن. لأنهم حتى تلك اللحظة لم يفهموا الكتب التي تقول إنه ينبغي أن يقوم من الأموات.
ثم عاد التلميذان إلى بيتهما، لكن مريم بقيت واقفةً خارج القبر تبكي. وبينما دموعها تنهمر، انحنت مرة أخرى لتطلع إلى داخل القبر. فإذا بملاكين بثيابٍ بيض جالسين حيث كان جسد يسوع موضوعاً، واحد عند الرأس والآخر عند القدمين. سألاها: “يا امرأة، لماذا تبكين؟” فأجابت: “أخذوا سيدي، ولستُ أعلم أين وضعوه!”
وفي لحظةٍ شعرت بحضورٍ خلفها، فالتفتت فرأت رجلاً واقفاً، لكن عينيها الملتهبتين بالبكاء لم تميزاه. سألها: “يا امرأة، لماذا تبكين؟ من تطلبين؟” فظنت أنه البستاني، فقالت: “يا سيد، إن كنت أنت حملته، فقل لي أين وضعته، وأنا آخذه.” عندها نطق باسمها بصوتٍ يعرفه قلبها جيداً: “مريم!” فالتفتت مسرعةً وقالت بالعبرية: “ربوني!” أي يا معلم.
أرادت أن تمسكه، لكنه قال لها: “لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي. لكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: إني أصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم.” فتركت مريم القبر مسرعةً، وذهبت إلى التلاميذ تبشرهم بما رأته وسمعته.
وفي المساء من ذلك اليوم، كان التلاميذ مجتمعين في بيتٍ، والأبواب مغلقةٌ خوفاً من اليهود. فجاء يسوع ووقف في وسطهم وقال: “سلام لكم!” ثم أراهم يديه وجنبه، ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب. فقال لهم مرة أخرى: “سلام لكم! كما أرسلني أبي، أرسلكم أنا أيضاً.” ثم نفخ فيهم وقال: “اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تُغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت.”
ولكن توما، أحد الاثني عشر، لم يكن معهم حين جاء يسوع. فلما أخبره التلاميذ برؤيتهم للرب، قال: “إن لم أرَ في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه، فلن أؤمن.”
وبعد ثمانية أيام، كان التلاميذ مجتمعين مرة أخرى، وتوما معهم. فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في وسطهم وقال: “سلام لكم!” ثم قال لتوما: “هاتِ إصبعك إلى هنا وانظر يديّ، وهاتِ يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً.” فأجاب توما: “ربي وإلهي!” فقال له يسوع: “آمنت لأنك رأيتني؟ طوبى للذين آمنوا ولم يروا.”
وهكذا، في هذه الأحداث العظيمة، أظهر الرب يسوع مجده كالقائم من الموت، مؤكداً انتصاره على الخطية والموت، ومعلناً بداية عهدٍ جديدٍ من الرجاء والمصالحة مع الله.