**قصة من رسالة رومية 3: رحمة الله وسط دينونته**
في مدينة روما العظيمة، حيث تنتشر عبادة الأصنام والفساد الأخلاقي، كان هناك مجموعة من المؤمنين بالمسيح يعيشون وسط تحديات كبيرة. كان اليهود بينهم يفخرون بشريعة موسى، بينما كان الأمميون، الذين لم يعرفوا الشريعة، يعيشون في خطاياهم. لكن رسالة الرسول بولس إليهم كانت تهدف إلى كسر كل حاجز من الكبرياء والخطية، ليكشف للجميع أنهم جميعًا تحت دينونة الله، وأن رحمته هي ملجأ الجميع.
في أحد الأيام، بينما كان أحد الحكماء اليهود يُدعى أليعازر يجادل بعض المؤمنين من الأمميين، قال لهم: “نحن شعب الله المختار، لنا الشريعة والعهد، ولذلك فنحن أبرار أمام الله!” لكن أحد الأمميين، اسمه لوقيوس، ردّ عليه بحزن: “هل هذا يعني أن الله يحابي اليهود فقط؟ ماذا عنا نحن الذين لم ننشأ على الشريعة؟”
وفي تلك الليلة، بينما كان أليعازر يقرأ في المزامير، تذكر كلمات داود: “لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ… الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا” (مزمور 14: 3). شعر بثقل الكلمات، وتساءل: “إذا كان حتى داود يعترف بعدم برّ الإنسان، فكيف أفتخر أنا ببرّ ذاتي؟”
وفي اليوم التالي، اجتمع المؤمنون ليقرأوا الرسالة التي وصلتهم من بولس، والتي كانت تحمل الكلمات التي نعرفها الآن كرومية 3. بدأ أحدهم يقرأ بصوت عالٍ:
**”مَاذَا إِذًا؟ هَلْ لَنَا فَضِيلَةٌ؟ كَلَّا! لِأَنَّنَا قَدْ شَكَوْنَا أَنَّ الْيَهُودَ وَالْيُونَانِيِّينَ أَجْمَعِينَ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ.”** (رومية 3: 9)
ارتجف أليعازر عندما سمع هذا، فقد أدرك أن بولس كان يوجه كلامه إليه شخصيًا. تابع القارئ:
**”لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَصَارُوا بِلاَ فَائِدَةٍ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.”** (رومية 3: 11-12)
ساد الصمت المكان. شعر الجميع أن هذه الكلمات كانت كسيف ذي حدين، تخترق قلوبهم وتكشف حقيقتهم. حتى لوقيوس الأممي أدرك أنه، رغم عدم معرفته للشريعة، كان هو الآخر مذنبًا أمام الله.
ثم جاءت الكلمات التي غيرت كل شيء:
**”وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ: بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ.”** (رومية 3: 21-22)
انهمرت دموع أليعازر. لقد أدرك أن برّه الذاتي كان كخرق بالية أمام قداسة الله. لكنه شعر أيضًا برجاء عظيم: فالله قد قدم برّه مجانًا، ليس بالأعمال، بل بالإيمان بيسوع!
نهض لوقيوس وقال: “إذًا، نحن جميعًا خطاة، سواء عرفنا الشريعة أم لا. ولكن الله يبررنا بنعمته، بالإيمان بدم المسيح!”
هتف الجميع: “نعم! المجد لله الذي يبرر الخاطئ بالإيمان!”
ومن ذلك اليوم، فهم المؤمنون في روما أن لا فخر للبشر، لأن الجميع أخطأوا، ولكن رحمة الله تعلو على الدينونة. فالمسيح مات من أجل الجميع، وبرّ الله يُمنح لكل من يؤمن، بغض النظر عن خلفيته.
وهكذا، عاشوا كجسد واحد، متحدين في الإيمان، شاكرين للنعمة التي خلصتهم، ليس بأعمالهم، بل بدم المسيح الكريم.
**النهاية.**