**قصة ناداب وأبيهو: درس في القداسة**
في أيام البرية، بعد أن أقام موسى وهارون خيمة الاجتماع حسب وصية الرب، وتم تدشينها بتقديم ذبائح كثيرة، كان الكل ينتظر أن تملأ مجد الله المكان. وكان ناداب وأبيهو، ابنا هارون، من الكهنة الذين اختارهم الرب لخدمته. لكن في يوم من الأيام، حدث أمرٌ هزّ المعسكر بأكمله.
كان اليوم ثامن أيام التدشين، حيث أكمل هارون وبنوه سبعة أيام من التكريس. وفي اليوم الثامن، قدّم هارون ذبيحة الخطية والمحرقة للرب، فظهر مجد الله أمام كل الشعب، ونزلت نار من السماء وأكلت المحرقة على المذبح، فابتهج الجميع وسجدوا. ولكن وسط هذا الفرح، أخذ ناداب وأبيهو مجمرتين من النحاس، وملأوهما جمراً من على المذبح، وأدخلا عليهما بخوراً غريباً لم يأمر به الرب.
وفجأة، انطلقت نار أخرى من أمام الرب، لكن هذه المرة لم تكن نار قبول بل نار دينونة! التهمت النار ناداب وأبيهو، فماتا أمام الرب. صرخ الشعب رعباً، وسقط هارون على وجهه حزناً وصمتاً. أما موسى، فدعا أبناء عمهما، ميشائيل وإلصافان، وأمرهما بحمل جثتي ناداب وأبيهو خارج المعسكر، لأن جثتيهما صارتا محرومتين.
ثم التفت موسى إلى هارون وألعازر وإيثامار، بقية بنيه، وقال لهم: “لا تشقوا ثيابكم ولا تحلقوا رؤوسكم لئلا تموتوا، لأن زيت مسحة الرب عليكم.” وأضاف: “لا تخرجوا من باب خيمة الاجتماع، لئلا تموتوا، لأن الرب قد حذّركم بهذا.” فامتثل هارون وبنوه، ولم يجزعوا علانية، بل قبلوا دينونة الرب بخشوع.
ثم كلم الرب هارون مباشرةً، قائلاً: “خمراً ومسكراً لا تشرب أنت وبنوك عند دخولكم خيمة الاجتماع، لئلا تموتوا. فريثما تميزون بين المقدس والدنس، وبين النجس والطاهر، وتعلمون بني إسرائيل كل الفرائض التي كلمهم بها الرب عن يد موسى.”
وهكذا، تعلم الشعب درساً عظيماً: أن الرب إله قدوس، يُكرّم من يقتربون إليه بحسب وصاياه. أما الذين يتهاونون بقداسته، فالدينونة تنتظرهم. وبقي هذا اليوم في ذاكرة إسرائيل، تذكرةً أبدية بأن “بالحقائق يتقدس الذين يقتربون إلى الله.”