الكتاب المقدس

رؤيا يوحنا العظيمة والمفتاح السري

**رؤيا يوحنا 10: الرؤيا العظيمة والمِفتاح السري**

في تلك الأيام، كان يوحنا الحبيب، السجين في جزيرة بطمس بسبب كلمة الله وشهادة يسوع المسيح، يُعاني من الوحدة والتعب. لكن الرب لم يتركه، بل كشف له عن أسرارٍ عظيمة ستحدث في الأيام الأخيرة. وفي أحد الأيام، بينما كان يوحنا يصلي على شاطئ الجزيرة، سمع صوتًا كالرعد يهزّ أعماق قلبه. فرفع عينيه نحو السماء، وإذا به يرى منظرًا مهيبًا يُذهل العقل.

ظهر ملاكٌ عظيم، قويّ البنية، يلبس سحابة بيضاء كالثلج النقي، وعلى رأسه قوس قزح يشعّ بألوان بهيجة تذكّر بعهد الله مع البشر بعد الطوفان. وكان وجه الملاك كالشمس في كبد السماء، مملوءًا بهاءً ومجدًا، ورجلاه كعمودين من نار، ثابتين كالجبل الراسخ. وفي يده، حمل الملاك سفرًا صغيرًا مفتوحًا، وكان يضع رجله اليمنى على البحر واليسرى على اليابسة، كعلامةٍ على أن رسالته ستشمل كل الخليقة، من أعماق البحار إلى أطراف الأرض.

ثم صرخ الملاك بصوتٍ عظيم كزئير الأسد، فتَهَزّمت الجبال وارتجفت السماء. وعندما تكلم، سمع يوحنا أصواتًا سبعة كالرعود تتكلم الواحد تلو الآخر. وكما أمره الرب من قبل، همّ يوحنا بكتابة ما سمعه، لكن صوتًا من السماء ناداه: **”اختم ما تكلمت به الرعود السبعة، ولا تكتبه!”**

فامتثل يوحنا لأمر الرب، لكن قلبه اشتاق لمعرفة المزيد. عندها رفع الملاك السفر الصغير المفتوح نحو السماء، وحلف بالحيّ إلى أبد الآبدين، خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيهما، قائلاً: **”لا يكون زمانٌ بعد، بل في أيام صوت الملاك السابع، متى أزمع أن يُنفخ في البوق، فإن سرّ الله يُكمل، كما بشر عبيده الأنبياء.”**

عندئذٍ، سمع يوحنا صوتًا آخر يأتيه من السماء، يقول: **”اذهب خذ السفر الصغير المفتوح من يد الملاك الواقف على البحر وعلى اليابسة.”** فاقترب يوحنا من الملاك وسأله أن يعطيه السفر. فقال له الملاك: **”خذ وكلْهُ، فإنه سيُمرّرك أحشاؤك، ولكن في فمك يكون حلوًا كالعسل.”**

فمدّ يوحنا يده وأخذ السفر، ووضعه في فمه. وكما قال الملاك، كان طعمه في فمه حلوًا كأطيب عسل، لكن عندما ابتلعه، شعر بمرارةٍ في أحشائه، كأنما نارٌ تتقد في جوفه. عندها فهم يوحنا أن كلمة الله، رغم حلاوتها للروح، تحمل في طياتها دينونةً وألمًا للعالم الخاطئ.

ثم قال له الملاك: **”ينبغي أن تتنبأ أيضًا عن شعوبٍ وأممٍ وألسنةٍ وملوكٍ كثيرين.”** فاستعدّ يوحنا، بقوة الروح القدس، ليكمل رسالته، عالماً أن ما رآه هو بداية الأحداث العظيمة التي ستغير مصير البشرية إلى الأبد.

وهكذا، بقيت هذه الرؤيا علامةً للمؤمنين بأن أسرار الله ستنكشف في وقته، وأن كلمته، وإن كانت مرةً في دينونتها، فهي حلوةٌ لكل من يقبلها بإيمانٍ واتضاع.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *