**قصة من سفر إشعياء: الفصل 61**
في تلك الأيام، عندما كانت أورشليم تعاني من الدمار والخراب، وكان الشعب يعيش في حزن عميق بسبب السبي والضياع، جاءت كلمة الرب إلى النبي إشعياء لتعزية المنكسري القلوب وتعلن بداية زمن جديد من النعمة والرجاء.
### **الروح يمسح النبي**
وقف إشعياء في الهيكل، محاطًا بالظلام الذي خيم على المدينة، لكن نور الرب أشرق في قلبه. شعر بحلول روح الله عليه بقوة، مثل نسمة عليلة تملأ المكان براحة وسلام. ثم سمع صوت الرب يُناديه:
*”رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ.”*
ارتعدت يداه وهو يدرك عظمة هذه الرسالة. لقد اختاره الرب ليكون نذيرًا بالفرح وسط الأحزان، ليبشر بالحرية حيثما ساد العبودية.
### **البشارة للمساكين والمنكسري القلوب**
خرج إشعياء إلى الشوارع، حيث كان الناس يجلسون بين الأنقاض، عيونهم مملوءة بالدموع، وقلوبهم مثقلة بالذنوب واليأس. رفع صوته وقال:
*”اسمعوا يا شعب الرب! لا تيأسوا، لأن الرب قد أعد لكم يوماً مجيداً! سيُعطيكم جمالاً عوضاً عن الرماد، ودهن فرح عوضاً عن النوح، ورداء تسبيح عوضاً عن روح اليأس.”*
تطلع إليه الناس بدهشة، فكيف يمكن أن يتحول حزنهم إلى فرح؟ كيف ستعود أورشليم من جديد؟ لكن إشعياء واصل كلامه بنفس ثابتة:
*”سيُدعَونَ أَشْجَارَ الْبِرِّ، غَرْسَ الرَّبِّ لِتَمْجِيدِهِ. سَتُبْنَى الْخِرَبُ الْقَدِيمَةُ، وَتَقُومُونَ أَنْتُمْ وَرَثَةً لأَرْضِ الْمَوْعِدِ.”*
### **فرح العائدين وبركة الرب**
بدأت قلوب المؤمنين ترتاح، وتذكروا وعود الرب لإبراهيم ويعقوب. فكما حررهم من عبودية مصر، سيعيدهم من سبي بابل. لن يعودوا عبيداً، بل سيصيرون كهنة الرب، خدّاماً له في أرضه المقدسة.
وأعلن إشعياء:
*”فأنا الرَّبُّ أُحِبُّ الْعَدْلَ، وَأَكْرَهُ الْغَصْبَ وَالإِثْمَ. سَأُجَازِيهِمْ أَمَانَةً، وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. ذُرِّيَّتُهُمْ تُعْرَفُ بَيْنَ الأُمَمِ، وَأَوْلاَدُهُمْ فِي وَسَطِ الشُّعُوبِ. كُلُّ مَنْ يَرَاهُمْ يَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ ذُرِّيَّةٌ بَارَكَهَا الرَّبُّ.”*
### **ختام الرؤيا**
عاد إشعياء إلى مخدعه، لكن الكلمات التي نطق بها بقيت تتردد في أرجاء المدينة. بدأ الرجاء يولد من جديد في قلوب المؤمنين، لأنهم علموا أن الرب لم ينسَ عهده. سيأتي اليوم الذي فيه يلبسون ثياب الخلاص، ويُفرحون ببرّ الرب الذي يزهر مثل الحديقة المروية بمياه الأنهار.
وهكذا، أصبحت نبوة إشعياء نوراً في الظلام، وبشارة تنتظر تحقيقها، حتى يأتي المسيح، الذي سيكمل كل هذه الوعود، ويُعلن سنة نعمة الرب لجميع الشعوب.