**قصة إشعياء والنبوءة العظيمة**
في أيام الملك آحاز ملك يهوذا، عندما كانت الأمم تتآمر ضد بيت داود، وقف النبي إشعياء في أورشليم كرسولٍ من الرب يحمل كلمات تحذيرٍ ورجاء. كانت الظلامات قد انتشرت في الأرض، والخوف قد تسرب إلى قلوب الشعب من جراء تهديدات أرام وإسرائيل المتحالفين ضده. لكن الرب لم يترك شعبه بلا كلمة.
وفي يومٍ من الأيام، بينما كان إشعياء يصلي في هيكل الرب، جاءه صوت السيد قائلاً: **”خذ لنفسك لوحًا كبيرًا واكتب عليه بأحرف واضحة: ‘مَهير شلال حاش بَز’.”** تعجب النبي من هذا الأمر، لكنه أطاع دون تردد. أخذ لوحًا من الخشب المصقول، وكتب عليه الكلمات التي أمره الرب بها، والتي تعني **”سريعٌ النهب، عاجلٌ السلب”**.
ثم اقترب الرب من إشعياء مرة أخرى وقال له: **”سأشهد لنفسي بشهود أمناء، أوريا الكاهن وزكريا بن يهبرخيا.”** ففهم النبي أن هذه الكلمات ستكون علامةً للشعب، تحذيرًا من أن أرام وإسرائيل سيسقطان قريبًا أمام جيوش أشور، لكن الخطر الأكبر سيكون من أشور نفسها، التي ستجتاح يهوذا كالنهر الجارف.
وفي تلك الأثناء، ولد لإشعياء ابنٌ من زوجته النبية، فأمره الرب أن يسميه **”مَهير شلال حاش بَز”**، لأن الأرض ستُنهب وتُسلب قبل أن يتعلم الصبي النطق بكلمات بسيطة. صرخ إشعياء في قلبه من هول النبوءة، لكنه أدرك أن الرب يريد أن يعلم شعبه درسًا عظيمًا: **”لأنكم رفضتم مياه شيلوه التي تجري هادئة، وفرحتم برصين وابن رمليا، فإن الرب سيُحضر عليكم مياه النهر القوية، ملك أشور بكل مجده!”**
وتحقق كلام الرب، فقد زحف الأشوريون كالسيل الذي يفيض على ضفافه، فغطى كل الأرض حتى عنق يهوذا. لكن الرب أعطى إشعياء كلمة رجاء وسط الظلام: **”لا تقولوا مؤامرة لكل ما يقول هذا الشعب مؤامرة، ولا تخافوا ما يخافونه.”** ثم أعلن له: **”قدسوا رب الجنود، وليكن هو خوفكم وهو رجاؤكم.”**
وأخيرًا، تكلم إشعياء بكلمات النور وسط الظلمة: **”ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الرب، نحن آياتٍ في إسرائيل من قبل الرب الجنود، الساكن في جبل صهيون.”** فكانت حياته وعائلته رمزًا لوجود الله مع شعبه، رغم كل الضيقات.
لكن النبي حذر أيضًا من أولئك الذين يلجأون إلى الأصنام والعرافين بدلًا من الرب، فقال: **”وإذا قالوا لكم: اطلبوا من الجان والعرافين الذين يتصاخصون ويهمهمون، فهل لا يسأل شعب إلهه؟ أحياءً للأموات؟!”** فالكلمة الصحيحة هي في شريعة الرب وشهادته، ومن يرفض النور يضل في ظلامٍ دامس.
وهكذا، كانت رسالة إشعياء تذكيرًا بأن الله هو الملجأ الوحيد، وأن كل من يتكل عليه لن يُخزى، حتى لو اجتمعت كل الأمور ضده. أما الذين يعاندون، فسيقعون في الشرك الذي نصبوه لأنفسهم.
**فليتعلم الجميع أن الرب قدوس، وهو وحده حصن الشعوب!**