**القصة: الراعي الصالح والخراف الأمينة**
في قديم الزمان، بين الجبال الخضراء والحقول الممتدة، كان هناك راعٍ صالح اسمه إلياس. كان يرعى قطيعه الصغير بكل حب وعناية، يعرف كل خروف باسمه، ويقودهم إلى المراعي الخصبة وينقذهم من المخاطر. كان الرعاة الآخرون يأتون ويذهبون، لكن إلياس بقي مع خرافه ليلاً ونهاراً، يحرسهم من الذئاب المفترسة ومن اللصوص الذين يحاولون سرقة الخراف.
وفي أحد الأيام، بينما كان يجلس تحت شجرة زيتون واقفاً يراقب قطيعه، تحدث إلياس إلى رجلين كانا يمران من هناك. قال لهما: “الحق الحق أقول لكم، من لا يدخل حظيرة الخراف من الباب، بل يتسلق من مكان آخر، فهو لص وسارق. أما الذي يدخل من الباب، فهو راعي الخراف.”
استمع الرجلان باهتمام، فأكمل إلياس كلامه: “الخراف تسمع صوت راعيها، فهو يناديها بأسمائها ويخرج بها. وعندما يُخرج كل خرافه، يسير أمامها، وهي تتبعه لأنها تعرف صوته. أما صوت الغريب فلا تتبعه الخراف، بل تهرب منه لأنها لا تعرفه.”
لم يفهم الرجلان تماماً ما يعنيه إلياس، فسألاه: “يا معلم، هل يمكنك أن توضح لنا هذا المثل؟”
فأجاب إلياس بصوت هادئ وحكيم: “أنا هو الراعي الصالح. الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. أما الذي ليس براعٍ، وإنما هو أجير، فحين يرى الذئب مقبلاً يهرب ويترك الخراف، فيتخطف الذئب الخراف ويبددها. لأن الأجير لا يهتم بالخراف. أما أنا، فإني أعرف خرافي وخرافي تعرفني، كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب. وأنا أضع نفسي عن الخراف.”
ثم أضاف: “ولي خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بها أيضاً، وهي ستسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد.”
عندها أدرك الرجلان أن إلياس كان يتكلم عن شيء أعظم من الرعي والخراف الأرضية. كان يتحدث عن محبة الله لشعبه، وعن الرعاية الإلهية التي لا تترك أحداً ضائعاً.
وفي تلك الليلة، بينما كان القمر يلقي بضوئه الفضي على الحظيرة، جاء لصوص متسللين يحاولون سرقة بعض الخراف. لكن إلياس كان مستعداً، فقام بحماية قطيعه بكل شجاعة، حتى إنه تعرض للأذى من أجلهم. وعند الصباح، رأى الرجلان ما حدث، فازداد إيمانهما بكلمات إلياس، لأن الراعي الصالح حقاً لا يترك خرافه للهلاك، بل يبذل نفسه من أجلها.
وهكذا، انتشرت قصة الراعي الصالح في كل المنطقة، وصار الناس يفهمون أن هناك راعياً أعظم يحبهم ويعرفهم، ويدعوهم لاتباعه إلى مراعي الحياة الأبدية.
**”أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف.”** — يوحنا ١٠:١١