**القصة التفصيلية بناء على سفر العدد 30**
في أيام التيه في البرية، حيث كان شعب إسرائيل يسير تحت قيادة موسى النبي، جاء وقتٌ تعلّم فيه الشعب أهمية الوعود والنذور للرب. وكانت هناك امرأة تُدعى “أهولة”، من سبط يهوذا، والتي عاشت مع زوجها “أليآب” في خيمة متواضعة بين بقية الشعب.
في أحد الأيام، بينما كانت أهولة تصلي في هدوء، شعرت في قلبها دافعًا قويًا أن تنذر نذرًا للرب. فقد رغبت في أن تصوم وتصلي لمدة سبعة أيام كشكرٍ للرب على شفاء ابنها الصغير من مرضٍ خطير. فرفعت صوتها وقالت: “يا رب، إني أعدك بأن أصوم عن الطعام والشراب لمدة سبعة أيام، وأكرس هذا الوقت للصلاة والتأمل في ناموسك”.
ولكنها لم تستشر زوجها أليآب قبل أن تنطق بهذا النذر. وعندما عاد أليآب إلى الخيمة في المساء، سمع زوجته تخبر جارتها عن نذرها. ففكر في قلبه: “إن صومها هذا قد يضعفها، ونحن في رحلة شاقة في البرية، وقد لا تكون قادرة على رعاية الأطفال والأعمال المنزلية”. فقرر أن يتدخل بحكمة.
في صباح اليوم التالي، جلس أليآب مع زوجته وقال لها بلطف: “يا أهولة، سمعت عن نذرك للرب، وأثني على غيرتك المقدسة. لكني أخشى أن يكون هذا الصوم الطويل شاقًا عليك في ظل ظروفنا الحالية. هل تسمحين لي بأن أرفض هذا النذر من جهتك، كما أعطى الرب الحق للزوج في سفر العدد؟”
توقفت أهولة للحظة، ثم أدركت حكمة زوجها ومحبته. فأجابت: “لقد تكلمت باندفاع من قلبي الممتلئ شكرًا، لكنني أحترم سلطتك كزوجٍ لي. إذا رأيت أن الأفضل أن أتراجع عن هذا النذر، فليكن كما تقول”.
فأمسك أليآب بيدها وقال: “الرب يعلم نيتك الطيبة، وهو لا يريد أن نثقل على أنفسنا فوق طاقتنا. لنقدم له الشكر بصلاة وذبيحة بدلًا من الصوم الطويل”. وهكذا، وبحسب الشريعة التي أعطاها الرب لموسى، ألغي النذر لأن الزوج استعمل حقه في الاعتراض في اليوم الذي سمعه فيه.
أما في جانب آخر من المعسكر، فكانت هناك شابة اسمها “تمار”، لم تكن متزوجة بل تعيش تحت سلطة أبيها “أليفاز”. وقد نذرت نذرًا بأن تقدم جزءًا من غزلها للرب كتقدمة للمسكن. لكن أباها، عندما سمع بنذرها، قال لها: “يا ابنتي، أقدّر غيرتك، لكننا بحاجة إلى الصوف لصنع الخيام والملابس. اتراجعي عن نذرك هذا، وسنقدم بدلًا منه ذبيحة سلامة”.
وبما أن تمار كانت تحت سلطة أبيها، فقد قبلت كلمته، لأن الناموس أوصى بأن النذر يلزم فقط إذا لم يعترض الأب أو الزوج في يوم سماعه. وهكذا تعلم الشعب أن النذور مقدسة، لكن الرب أعطى سلطة للرؤساء في العائلة ليراعوا مصلحة الجميع.
وفي النهاية، اجتمع الشعب حول موسى الذي علّمهم: “اسمعوا يا بني إسرائيل، النذور ليست كلمات تُقال بخفة، بل هي عهد بينكم وبين الرب. احترموا سلطة الأزواج والآباء، وليكن كل شيءٍ بمحبة وحكمة”. ففرح الشعب بهذه التعاليم، وساروا في طاعة للرب، حافظين وصاياه بكل أمانة.
وهكذا، في وسط رحلتهم في البرية، تعلم بنو إسرائيل أن الطاعة للرب لا تنفصل عن الطاعة للنظام الذي وضعه، حيث يحفظ كل واحدٍ وصايا الرب بفرحٍ واتضاع.