**قصة الأجيال: من آدم إلى إبراهيم**
في البدء، خلق الله السماوات والأرض، ومن ترابها شكل آدم، الإنسان الأول، ونفخ فيه نسمة الحياة. وعاش آدم مئات السنين، ورزقه الله بأبناء كثيرين، لكن قايين وهابيل وشيث هم الأكثر ذكراً. ومن نسل شيث، الرجل الصالح، جاءت الأجيال التي سارت على طريق الرب.
وبعد آدم جاء ابنه شيث، ومن بعده أنوش، ثم قينان، فمهللئيل، فِيَارد، فَأخْنوخ الذي سار مع الله بإيمانٍ عظيمٍ حتى أخذه الرب إليه دون أن يذوق الموت. وعاش أخنوخ في البرّ وكانت حياته مثلاً يُضرب به في التقوى.
ومن بعد أخنوخ جاء مَتوشَلَح، الرجل الذي عاش أطول عمرٍ في تاريخ البشرية، تسعمائة وتسعاً وستين سنة، وكانت أيامه شاهدة على صبر الله ورحمته قبل أن يأتي الطوفان. ثم جاء لامك، ومن بعده نوح، الرجل البار الكامل في أجياله، الذي وجد نعمة في عيني الرب وسط عالمٍ امتلأ بالشرّ.
وعندما أغلق الرب باب الفلك، هطل المطر أربعين يوماً وأربعين ليلة، ومحا كل حياةٍ من على وجه الأرض، إلا نوحاً وعائلته والحيوانات التي معه. وبعد الطوفان، بدأت البشرية من جديد من أبناء نوح الثلاثة: سام وحام ويافث.
ومن سام، الابن البكر، جاءت الأجيال التي اختارها الرب لتحمل بركته. فمن بعده عيلام، وآشور، وأرفكشاد، ولود، وأرام، وغيرهم. ومن أرام جاء عوص، وحول، وجاثر، وماش. لكن النسل المبارك كان من أرفكشاد، الذي وُلد له شالح، ومن شالح جاء عابر، الذي منه اشتُق اسم “العبرانيين”.
وعاش عابر وتناسلت منه شعوبٌ كثيرة، لكن البقية بقيت في فَالج، الذي وُلد له رعو، ثم سروج، ثم ناحور، ثم تارح. وكان لتارح ثلاثة أبناء: أبرام (الذي سُمي لاحقاً إبراهيم)، وناحور، وهاران. وهاران مات في أرض ميلاده، أور الكلدانيين، قبل أن يرحل أبوه تارح مع أبرام ولوط ابن هاران إلى أرض كنعان.
لكن تارح لم يكمل الرحلة، بل توقف في حاران ومات هناك. أما أبرام، فقد سمع صوت الرب يقول له: “**اذهب من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك.**” فآمن أبرام بالرب، وخرج بإيمانٍ لا يتزعزع، حاملاً معه زوجته ساراي وابن أخيه لوط، ومعهما كل ممتلكاتهما وخدمهما.
وهكذا بدأت رحلة إبراهيم، الرجل الذي سيصبح أباً لشعبٍ عظيم، وأمةٍ لا تُحصى كنجوم السماء ورمل البحر. فمن صلبه سيأتي إسحاق، ويعقوب، والأسباط الاثنا عشر، ومنهم سيخرج داود الملك، ومن نسل داود سيأتي المسيح، المخلص الموعود.
وهذه الأجيال، من آدم إلى إبراهيم، كانت خيطاً ذهبياً في نسيج التاريخ، يربط الماضي بالمستقبل، مشيراً إلى يد الله التي تقود كل شيءٍ بحكمةٍ لا تُدرك. ففي كل اسمٍ من هذه الأسماء قصة، وفي كل جيلٍ درسٌ عن النعمة، والعدل، والإيمان الذي يجعل المستحيل ممكناً.