**قصة سقوط أورشليم ونهاية مملكة يهوذا**
في الأيام الأخيرة لمملكة يهوذا، عندما تفاقم الشر في عيون الرب، حدثت أمور عظيمة وحزينة في أورشليم. فقد تولى العرش ملوك ضعفاء وأشرار، أحدًا تلو الآخر، فازداد غضب الله على شعبه الذي ترك وصاياه وعبد الأصنام.
كان أول هؤلاء الملوك هو **يهوياقيم بن يوشيا**، الذي ملك إحدى عشرة سنة في أورشليم. لكنه فعل الشر في عيني الرب، فسمح الله بأن يصعد عليه **نبوخذنصر ملك بابل** ويقيده بسلاسل نحاسية ليأخذه إلى بابل. ولم يكتفِ نبوخذنصر بذلك، بل أخذ معه بعض آنية بيت الرب الثمينة ووضعها في هيكل آلهته في بابل، إهانةً لله الحي وإظهارًا لقوته.
ثم ملك **يهوياكين ابن يهوياقيم**، لكنه لم يدم إلا ثلاثة أشهر وعشرة أيام، لأنه هو أيضًا فعل الشر في عيني الرب. فعاد نبوخذنصر وأخذه أسيرًا إلى بابل مع أمه وزوجاته وخدامه وعظماء المملكة. وأخذ المزيد من كنوز بيت الرب، تاركًا المدينة في ذهول وحزن.
وعيّن نبوخذنصر **صدقيا عم يهوياكين** ملكًا على يهوذا، آملًا أن يكون مطيعًا له. لكن صدقيا، رغم كونه من نسل داود، تمرد على الرب وعلى ملك بابل. فقد أدار ظهره لنصائح إرميا النبي، الذي كان يحذره من العصيان، وأسلم قلبه لرؤساء الشعب الأشرار. فزاد في خطاياه بعبادة الأوثان وتنجيس هيكل الرب برجاسات الأمم.
ورغم أن الرب أرسل لهم رسله مبكرًا كل يوم لأن لديه رأفة بشعبه ومسكنه، إلا أن الشعب سخروا من الأنبياء واحتقروا كلام الله حتى لم يعد هناك شفاء. فاشتعل غضب الرب عليهم، ولم يعد هناك مفر من العقاب.
وفي السنة الحادية عشرة من ملك صدقيا، زحف نبوخذنصر بجيشه الجرار إلى أورشليم وحاصرها بقسوة. دام الحصار أشهرًا، حتى انتشر الجوع في المدينة، وانقطعت المؤن، وسقط الأبطال من شدة الضعف. وفي النهاية، اخترق البابليون الأسوار ودخلوا المدينة كالسيل الجارف.
هرب صدقيا ليلًا مع بعض جنوده نحو أريحا، لكن البابليون أمسكوا به وأحضروه أمام نبوخذنصر. فقتل الملك البابلي أبناء صدقيا أمام عينيه، ثم فقأ عينيه وقيده بسلاسل حديدية ليجرّه إلى بابل، حيث مات هناك في السجن.
ثم أحرق البابليون بيت الرب وهدموا أسوار أورشليم وأحرقوا القصور والبيوت الفاخرة بالنار. كل من بقي من الشعب، إلا الفقراء المعدومين، سُبوا إلى بابل ليكونوا عبيدًا هناك. وهكذا تحققت كلمة الرب على لسان إرميا، بأن الأرض ستستريح سبعين سنة لتعويض السبت التي لم يحفظوها.
لكن في وسط هذا الدمار، لم ينسَ الرب رحمته. ففي السنة الأولى لملك كورش الفارسي، أيقظ الرب روحه فأصدر مرسومًا يسمح لليهود بالعودة إلى أورشليم وبناء الهيكل من جديد. فقد كان الرب أمينًا لوعده، بأنه حتى في التأديب، يبقي رجاءً لشعبه.
وهكذا انتهت مملكة يهوذا مؤقتًا، لكنها كانت بداية لوعد أعظم، بأن الرب سيرد شعبه إليه عندما يتوبون بقلوب كاملة.