الكتاب المقدس

قصة أيوب الأمين اختبار الإيمان والنقاء

**قصة أيوب الأمين: اختبار الإيمان والنقاء**

في تلك الأيام القديمة، عندما كان الرجال يتكلمون بحكمة الله ويتأملون في شريعته، عاش رجلٌ اسمه أيوب. كان أيوب كاملاً ومستقيماً، يتقي الله ويحيد عن الشر. وقد منحه الله نعمةً عظيمة، فكان غنياً جداً، له قطعان كثيرة من الإبل والغنم والبقر، وعبيدٌ كثيرون، وأولادٌ بارون. لكن أعظم ثرواته كانت إيمانه الثابت بالرب.

وفي يوم من الأيام، بينما كان أيوب يجلس في خيمته يتأمل في بركات الله عليه، رفع قلبه إلى السماء وقال:

**”يا رب، لقد عاهدت عيناي أن لا تنظرا إلى عذراء بشهوة، وقلبي أن لا يتبع أفكاراً شريرة. لأنك أنت يا رب تعرف أن النظرة الشريرة هي بداية الخطيئة، والاشتهاء هو فخ الموت. فكيف لي أن أتجاهل وصيتك وأخون عهدي معك؟”**

ثم تذكر أيوب كيف كان يتعامل مع الفقراء والمحتاجين، فقال في نفسه:

**”هل رفضت يوماً أن أعطي الخبز للجائع، أو أن أُكسو العريان؟ هل أغلقت بابي أمام الأرملة أو تخليت عن اليتيم في حاجته؟ كلا! لأني أعلم أن الله الذي خلقني في الرحم هو نفسه الذي يسند الضعيف. فلو أني ظلمت المسكين أو أخذت رشوة ضد البريء، فلتسحقني الأرض ولتذهب زراعتي إلى الخراب!”**

وتطلع أيوب إلى ثروته الكبيرة، ففكر في مصدرها وقال:

**”إن كان ذهبي هو معتمدي، أو قلت للكنز: ‘أنت رجائي’، فإني أكون قد أنكرت الله العلي. لأن الثروة زائلة، والرب هو الذي يعطي ويأخذ. فكيف أعبد مالاً لا ينفع في يوم الدينونة؟”**

ثم تذكر أيوب كيف كان يعامل عبيده، فقال:

**”هل احتقرت حقوق خادمي أو خادمتي عندما اختلفا معي؟ ألم أذكر أننا جميعاً خُلقنا من تراب واحد، وأن الرب هو الذي حررنا من العبودية في مصر؟ لو أني تجاهلت صراخ الخادم الظالم، فكيف أتجرأ أن أرفع عينيّ إلى الله طالباً الرحمة؟”**

وتوسع أيوب في حديثه عن أمانته، فقال:

**”لو أني فرحت بدمار عدوي، أو ابتهجت عندما أصابته مصيبة، فإني أستحق العقاب. لأن الرب يقول: ‘لا تفرح بسقوط عدوك’. ولو أني أخفيت خطيتي في صدري خوفاً من الناس، فكيف أخفيها عن عينيك أنت يا من ترى الخفيات؟”**

وأخيراً، رفع أيوب صوته إلى السماء وقال:

**”يا رب، إن كنت قد أخطأت في شيء من هذا، فليسمع الأرض شهادتي، وليحكم بيني وبينك. لأني أعلم أنك عادل، وأن كل إنسان سيُجازى حسب أعماله. لكني أثق في رحمتك، يا من يغفر للتائبين.”**

وهكذا ظل أيوب ثابتاً في بره، محافظاً على عهده مع الله، غير عابئ بضيقات العالم. لأنه علم أن الإيمان الحقيقي ليس في الكلام، بل في العمل بالوصية، والثقة في عدل الرب ورحمته.

**فليتأمل كل مؤمن في قصة أيوب، ليعرف أن النقاء والعدل والإخلاص هي أساس العلاقة مع الله، وأنه مهما كانت التجارب، فإن الثبات على الحق هو طريق النجاة.**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *