**قصة عن الرجاء والثبات في الإيمان: تأمل في عبرانيين 6**
في أيامٍ مضت، في مدينةٍ تسودها الضغوط والاضطهادات، اجتمع المؤمنون حول معلمهم الحكيم، الشيخ إلياس، الذي كان يعرف الكتب المقدسة حق المعرفة. كان وجهه يشع حكمةً وسلاماً، وعيناه تعكسان عمق إيمانه بالمسيح. بدأ يحثّهم على النمو في الإيمان، مستشهداً بكلمات الرسول في رسالة العبرانيين الإصحاح السادس.
قال الشيخ إلياس بصوته الهادئ لكنه الواثق: “يا أحبائي، لا يكفي أن نبقى كأطفالٍ في الإيمان، نتعثر في المبادئ الأولية مرةً بعد مرة. لقد أعطانا الله نور معرفته، وذقنا عطاياه السماوية، وصِرنا شركاء في الروح القدس. فكيف نعود إلى الوراء؟”
كان الشاب دانيال بين الحضور، وهو شابٌ كان قد تعمّد حديثاً، لكن الاضطهاد جعله يشك أحياناً. سأل بتردّد: “ولكن، يا معلم، ماذا إن سقط أحدنا وضعف؟ هل يعني ذلك أننا خسرنا خلاصنا؟”
ابتسم الشيخ إلياس وأجاب: “اسمعوا هذا المثل، يا أولادي: تخيلوا أرضاً شربت مطر السماء مراراً، وأنبتت زرعاً نافعاً. هذه الأرض تباركها الله. ولكن إن أنبتت شوكاً وحسكاً، فهي مرفوضةٌ وقريبةٌ من اللعنة، وسينتهي بها الأمر إلى الحرق.” ثم أردف: “لكننا لسنا من هؤلاء، يا دانيال! نحن واثقون بأمورٍ أفضل من ذلك، أمورٍ تخص الخلاص.”
رفع الشيخ عينيه نحو السماء وكأنه يرى ما لا يراه الآخرون، ثم واصل: “الله ليس بظالمٍ حتى ينسى تعب محبتكم، يا من وقفتم إلى جانب قديسيه في المحن. لكنني أحثّكم أن تُظهروا نفس الاجتهاد ليقين الرجاء حتى النهاية، فلا تكسلوا، بل اقتدوا بالذين ورثوا المواعيد بالإيمان وطول الأناة.”
تذكرت الجماعة آباءهم في الإيمان، إبراهيم الذي انتظر سنواتٍ حتى رُزق باسحق، فصبر وثبت حتى نال البركة. ثم قال الشيخ: “لقد أقسم الله لنفسه، لأنه لم يجد أعظم منه، فجعل رجاءنا راسخاً كمرساةٍ للنفس، أمينةٍ ثابتةٍ تدخل إلى ما داخل الحجاب، حيث دخل يسوع كسابقٍ لأجلنا.”
شعر الحاضرون بالسلام يغمرهم، وكأن نوراً إلهياً قد ملأ المكان. دانيال نفسه، الذي كان يشك، شعر بإيمانه يتجدّد. فالله أمين، وهو لا يترك أولاده.
أخيراً، ختم الشيخ إلياس كلامه بالصلاة: “ليثبّت الرب قلوبكم في النعمة، وليجعلكم ثابتين راسخين في الإيمان، لأن وعوده لا تخيب. تذكروا دائماً أن رجاءنا في المسيح هو المرساة التي تربطنا بالسماء، فلا نخاف ولا نتراجع أبداً.”
وبهذه الكلمات، خرج المؤمنون وهم ممتلئون رجاءً، عازمين على السير بالإيمان حتى النهاية، واثقين بأن الله الذي بدأ فيهم عملاً صالحاً، سيكمّله إلى يوم المسيح.