الكتاب المقدس

قصة الحكيم وابنه الجاهل: درس في الحكمة والندم

**قصة الحكيم والابن الجاهل**

في قديم الزمان، في مدينة صغيرة تقع بين الجبال، عاش رجل حكيم يُدعى أليفاز. كان أليفاز معروفًا بين الناس بحكمته البالغة وقلبه الصالح. كان يقضي أيامه في تعليم أولاده ومجالسة الحكماء، يناقش معهم أمور الحياة ويبحثون في كلام الرب. وكان لأليفاز ابنٌ اسمه رامون، لكنه على عكس أبيه، كان كسولًا ومتهورًا، لا يحب التعلم ولا يهتم بنصائح والده.

ذات يوم، بينما كان أليفاز يجلس تحت شجرة زيتون كبيرة، ينظر إلى حقول القمح الذهبية التي امتدت أمامه، دعا ابنه رامون وقال له:

**”يا بني، اسمع كلماتي لأنها نافعة لك. يقول الرب في أمثاله: ‘اِبْنُ الْحَكِيمِ يُسَرُّ بِهِ أَبُوهُ، وَالْبَنُوَّنُ الْجُهَّالُ هُمْ مَذَلَّةٌ لأُمِّهِمْ.’ أرجوك، لا تكن كسولًا ولا تتبع طريق الشر، لأن الكسل يجر الفقر، أما الأمانة فتثمر بركة.”**

لكن رامون لم يصغِ لكلام أبيه. قال في نفسه: **”لماذا أتعب نفسي في العمل؟ الحياة قصيرة، والأفضل أن أستمتع بها!”** فترك بيت أبيه وتوجه إلى المدينة، حيث قضى أيامه في اللهو واللعب، ينفق كل ما يملك على الملذات، دون أن يفكر في الغد.

وفي المقابل، كان لأليفاز ابن آخر اسمه دانيال، وهو الابن البكر، وكان مجتهدًا وعاقلًا. كل صباح، كان يستيقظ مع شروق الشمس، يعمل في الحقل باجتهاد، ويخزن المحاصيل لفصل الشتاء. وكان أليفاز يبتسم كلما رأى دانيال يعمل، لأنه يعرف أن **”بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا.”**

مرت السنوات، وجاء وقت القحط. هطل المطر بندرة، وجفت الأرض، وأصبح الطعام نادرًا. دانيال، بسبب عمله الدؤوب، كان لديه مخزون وفير من القمح والزيتون، فاستطاع أن يعيل أسرته ويطعم الفقراء أيضًا. أما رامون، الذي أضاع كل ما لديه، وجد نفسه جائعًا وحيدًا في الشوارع، يبحث عن فتات الخبز.

وفي يوم بارد، عاد رامون إلى بيت أبيه، حافي القدمين، وملابسه ممزقة، وعيناه تفيضان بالدموع. سقط على ركبتيه أمام أليفاز وقال:

**”أبي، لقد أخطأت! لقد ضيعت كل شيء بسبب جهلي وكسلي. سامحني!”**

فأمسك أليفاز بيد ابنه وقال: **”يا بني، اسمع الحكمة: ‘اَلَّذِي يَسْعَى بِالْغِشِّ فَهُوَ يُهَانُ، وَالَّذِي يَكْرَهُ الْوَبْخَ فَهُوَ أَمِينٌ.’ لقد عانيت بسبب أفعالك، لكن توبتك تسر قلبي. تعلم من خطئك، واعمل باجتهاد، لأن ‘اَلرَّبُّ لاَ يُجِيعُ نَفْسَ الصِّدِّيقِ، وَلكِنَّهُ يَدْفَعُ شَهْوَةَ الأَشْرَارِ.'”**

ومن ذلك اليوم، تغير رامون. بدأ يعمل بجد، ويتعلم من أخيه دانيال، حتى أصبح رجلاً صالحًا. وعاش أليفاز فرحًا لأنه رأى ابنه يعود إلى طريق الحق، مصداقًا لكلام الأمثال: **”اَلْحِكْمَةُ تَصُونُ صَاحِبَهَا، وَالْحَمَاقَةُ تُهْلِكُ صَاحِبَهَا.”**

وهكذا، تعلم أهل المدينة أن بركة الرب تكون مع من يسلك في الاستقامة، أما الجاهل فيدفع ثمن غبائه. فليتذكر كل من يقرأ هذه القصة أن **”اَلْخَطَايَا تَصْطَادُ الشِّرِّيرَ، وَالصِّدِّيقُونَ يُجَازَوْنَ خَيْرًا.”**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *