**قصة نبوءة ميخا عن دينونة السامرة وأورشليم**
في الأيام التي كان فيها يوثام وآحاز وحزقيا ملوكًا على يهوذا، جاءت كلمة الرب إلى ميخا المورشتي، وهو رجل تقي من سبط يهوذا، عرف بغيرته على شريعة الله ودفاعه عن العدل. وفي أحد الأيام، بينما كان ميخا يصلي في حقل منعزل، سمع صوت الرب كالرعد يهز أعماق قلبه:
**”اسمعوا أيها الشعوب جميعًا! أصغِ يا أرض وكل ما فيها! ليكون السيد الرب شاهدًا عليكم، الرب من هيكل قدسه!”**
ارتعد ميخا من عظمة الصوت، فسقط على وجهه خاشعًا. ثم رأى في رؤيا الرب قادمًا من مكانه، تنحدر قدماه على المرتفعات كالنار التي تلتهم القش. كانت السموات تتزلزل، والجبال تذوب تحت قدميه كالشمع أمام اللهب. لماذا؟ لأن خطية إسرائيل قد امتلأت، ودينونة الرب على وشك أن تنصب على السامرة وأورشليم.
**دينونة السامرة**
رفع ميخا عينيه نحو الشمال، حيث مدينة السامرة المتشامخة على التلال، المليئة بالعجائب الفاخرة والتماثيل المنحوتة. كان أهلها يعبدون الأصنام، ويظنون أنهم في أمان من الغضب الإلهي. لكن الرب كشف لميخا ما سيحدث:
**”ها أنا صانعٌ على السامرة شرًا لا يُحتمل! سأحطم أصنامها، وأحرق تماثيلها الذهبية بالنار. كل عطاياها للآلهة الكاذبة ستصير غبارًا، وكل زناها الروحي سينكشف أمام الأمم!”**
وتحققت النبوة بعد سنوات، عندما جاء الأشوريون كسيل جارف، فدمروا السامرة وحولوا قصورها العظيمة إلى خراب. بكى الشعب، لكن الوقت كان قد فات.
**بكاء ميخا على يهوذا**
لكن الدمار لم يقتصر على الشمال. فقد امتدت الخطية إلى يهوذا، حتى أورشليم المدينة المقدسة. رأى ميخا في الرؤيا جيوشًا غازية تقترب، فصرخ من الألم:
**”لا تفرحوا يا أهل بيت عفرة! لقد دُعيتِ ‘ترابًا’، والآن ستصيرين حقًا ترابًا تحت أقدام الأعداء!”**
وتنبأ عن مدن يهوذا واحدة تلو الأخرى:
– في **جت**، لا تخبروا بالهزيمة لئلا تفرح بنات الفلسطينيين.
– في **بيت لافض**، سيدخل العدو ويجرّ العار على العائلات.
– في **المورشة**، سيجُرُّونكم مقيدين كأسرى.
كان ميخا ينتحب كإمرأة في المخاض، لأن الدينونة لا مفر منها. حتى أن النبي مزق ثيابه وحلق شعره علامة الحزن العميق، لأنه رأى ما لا يريد أن يراه: أورشليم نفسها ستصير خرابًا إن لم تتوب.
**الدرس الأبدي**
لكن وسط الظلام، لم يكن الرجاء مفقودًا تمامًا. ففي النهاية، تذكر ميخا أن الرب رحيم، ودينونته هي لتطهير شعبه، لا لإبادتهم. فصرخ:
**”اسمعوا أيها الرؤساء، أصغوا أيها القضاة! لأن الدينونة قادمة، ولكن من يتواضع ويطلب وجه الرب، ربما يجد نعمة في يوم الغضب!”**
وهكذا انتهت النبوة، لكن صدى كلمات ميخا بقي يتدحرج عبر الأجيال، تذكيرًا بأن الله قدير وعادل، لكنه أيضًا مستعد أن يغفر لمن يرجع إليه بقلب منسحق.