الكتاب المقدس

قصة شفاء الأبرص ودعوة متى وإخضاع العاصفة

**قصة شفاء الأبرص ودعوة متّى وإخضاع العاصفة**

في تلك الأيام، بينما كان يسوع يطوف في مدن الجليل وقرى اليهودية، كان مجده ينتشر في كل مكان. كان الناس يتهافتون إليه من كل صوب ليسمعوا كلماته ويشهدوا عجائبه. وفي أحد الأيام، بينما كان ينزل من الجبل بعد أن أتمّ عظته التي أذهلت الجميع، إذ برجل يخرج من بين الجموع، وجهه مغطى بالحزن واليأس. كان رجلاً أبرص، مرضه جعله منبوذاً بين الناس، منعزلاً عن أهله ومحروماً من دخول الهيكل.

تقدم الأبرص بخطوات مترددة، ثم سجد أمام يسوع، وقال بصوت يملؤه الإيمان والرجاء: **”يا سيد، إن أردت تقدر أن تطهرني”**. نظر إليه يسوع بعينيّ الرحمة، ومدّ يده ولمسه، وهو فعلٌ كان يعدّ خطيئة في عيون اليهود، لأن لمس الأبرص ينجّس الإنسان. لكن يسوع، الذي جاء ليكسر قيود الناموس بحب أعظم، قال له: **”أريد، فاطهر!”**

وفي الحال، اختفت القروح من جسده، وظهر لحمه نقياً كطفلٍ مولود. فاندهش الرجل وأخذ يشكر الرب، ولكن يسوع قال له بجدّية: **”انظر أن لا تقول لأحد، بل اذهب أرِ نفسك للكاهن، وقدّم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم”**. لكن الرجل، ممتلئاً بالفرح، خرج وأخذ يخبر الجميع بما حدث، حتى انتشر خبر المعجزة في كل المنطقة، فازدادت الجموع حول يسوع.

**دعوة متّى العشّار**

وبينما كان يسوع يمرّ على شاطئ البحر، رأى جابياً للضرائب جالساً عند مكان الجباية، اسمه متّى. كان العشّارون مكروهين من الشعب، لأنهم كانوا يعملون لصالح الرومان ويأخذون أموالاً أكثر مما يجب. لكن يسوع نظر إلى متّى ورأى قلبه الذي يتوق إلى التغيير. فقال له: **”اتبعني!”**. فقام متّى في الحال، تاركاً كل شيء، وتبع يسوع.

ولكي يعلن متّى فرحته بدعوته، صنع وليمةً كبيرة في بيته، ودعا إليها زملاءه العشّارين والخطاة. فلما رأى الفريسيون ذلك، استنكروا وقالوا لتلاميذ يسوع: **”لماذا يأكل معلمكم مع العشّارين والخطاة؟”** فسمع يسوع كلامهم، فأجابهم: **”لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بل المرضى. اذهبوا وتعلّموا ما هو: إني أريد رحمةً لا ذبيحة. لأني لم آتِ لأدعو أبراراً، بل خطاةً إلى التوبة”**.

**إخضاع العاصفة**

وفي مساء ذلك اليوم، قال يسوع لتلاميذه: **”لنجتز إلى العبر”**. فدخل السفينة مع تلاميذه، وبدأوا عبور البحر. وإذا بعاصفة شديدة هبّت فجأة، حتى أن الأمواج غطّت السفينة، وصاروا في خطر عظيم. أما يسوع فكان نائماً في المؤخرة على وسادة.

فأسرع التلاميذ إليه وأيقظوه قائلين: **”يا معلم، أما يهمك أننا نهلك؟!”** فقام يسوع وانتهر الريح، وقال للبحر: **”اسكت! اخرس!”** فهدأت الريح وسكن البحر تماماً. ثم التفت إلى تلاميذه وقال: **”ما بالكم خائفين هكذا؟ أما لكم إيمان بعد؟”**

فامتلأ التلاميذ خوفاً عظيماً، وقالوا فيما بينهم: **”من هو هذا، حتى الريح والبحر يطيعانه؟!”**

وهكذا أظهر يسوع سلطانه على المرض، وعلى قلوب الخطاة، وعلى قوى الطبيعة، ليعلن أنه ربّ الكل، الذي بيده كل شيء.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *