الكتاب المقدس

بناء هيكل الله: عظة من كورنثوس الأولى ٣

**قصة بناء هيكل الله: عظة من رسالة كورنثوس الأولى 3**

في مدينة كورنثوس العظيمة، حيث تتلألأ الأعمدة الرخامية تحت أشعة الشمس، وتنتشر الأسواق المليئة بأصوات الباعة والمشترين، اجتمع المؤمنون في بيت أحد الإخوة ليستمعوا إلى كلمة الرب. كان بينهم خلافات ونزاعات، كلٌ يفتخر بمعلمه: “أنا لبولس!” و”أنا لأبلوس!” فجاءتهم الرسالة من الرسول بولس، يحملها تيموثاوس، لتعيد إلى قلوبهم السلام والحكمة.

بدأ تيموثاوس يقرأ: *”أيها الإخوة، لم أستطع أن أكلمكم كأناس روحيين، بل كأناس جسديين، كأطفال في المسيح.”* (كورنثوس الأولى 3: 1). ارتعشت الأجواء، فالكلمات كانت حادة كالسيف، لكنها جاءت بدافع المحبة. تذكر الحاضرون كيف كانوا يتنازعون كالأطفال على من هو الأعظم، بينما نسيوا أن الجميع خدام للمسيح.

ثم استمر تيموثاوس: *”سقيتكم لبنًا، لا طعامًا، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون، بل الآن أيضًا لا تستطيعون.”* (3: 2). تأمل الحاضرون في هذه الكلمات، فبولس وأبلوس لم يكونا سوى خادمين بسيطين، أحدهما غرس والآخر سقى، لكن الله هو الذي كان ينمي. فكيف يتشاجرون على من هو الأفضل؟ أليس الله هو صاحب العمل كله؟

ثم جاءت الصورة الرائعة التي غيرت قلوبهم: *”فإننا نحن عاملان مع الله، وأنتم فلاحة الله، بناء الله.”* (3: 9). تخيل الجميع حقول القمح الذهبية تمتد تحت السماء الزرقاء، والعمال يتعبون تحت أشعة الشمس، لكن الحصاد هو عطية الله. ثم انتقلت الصورة إلى بناء هيكل عظيم، حيث كل عامل يضع لبنته بحرص، لكن الأساس لا يمكن أن يكون إلا واحدًا: *”لأنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا غير الموضوع الذي هو يسوع المسيح.”* (3: 11).

هنا ارتفع صوت شيخ بين الحضور، وهو يقص قصته: “عندما بنيت بيتي، وضعت الأساس على الصخر، وعندما هبت العواصف، ثبت البيت. ولكن جاري وضع أساسه على الرمل، فانهار عند أول اختبار!” فابتسم تيموثاوس وأكمل: *”إن كان أحد يبني على هذا الأساس ذهبًا فضةً حجارةً كريمةً خشبًا عشبًا قشًا، فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا.”* (3: 12-13).

ساد صمت عميق. كل واحد بدأ يتفحص قلبه: “ماذا أبنيه في كنيسة الله؟ هل هو خدمة حقيقية أم مجرد كلام فارغ؟ هل أعمل لمجد الله أم لسمعتي؟” ثم جاءت الكلمات الأخيرة كالنار التي تختبر كل شيء: *”فسيعرف كل واحد عمله، لأن اليوم سيبينه، لأنه بالنار يستعلن، وستختبر النار عمل كل واحد ما هو.”* (3: 13).

في تلك اللحظة، شعر الجميع بثقل المسؤولية. لم يعودوا ينظرون إلى بعضهم كأعداء أو منافسين، بل كرفقاء في البناء، كلٌ له دوره، لكن المجد كله لله. وقف أحد الشبان وقال: “لنعد إلى العمل، ليس لبولس ولا لأبلوس، بل للمسيح الذي هو كل شيء!”

وهكذا، تحت سقف ذلك البيت المتواضع، تجددت قلوب المؤمنين، وبدأوا يفهمون أنهم حجارة حية في هيكل الله، مبنيون على أساس المسيح، وعليهم أن يعملوا بحكمة، لأن اليوم سيُظهر كل شيء. وانتهى اللقاء بصلاة حارة، يطلبون فيها أن يكون بناء حياتهم مقبولًا أمام الله، لا يحترق كالقش، بل يثبت كالذهب النقي في ملكوته الأبدي.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *