الكتاب المقدس

تجديد العهد على جبل سيناء: قصة النزول الثاني للألواح

**قصة النزول الثاني للألواح: تجديد العهد على جبل سيناء**

في صباحٍ باكر، بينما كانت الشمس تلمع خلف قمم الجبال الشاهقة، استيقظ موسى عليه السلام وهو يشعر بثقل المسؤولية التي ألقاها الله على عاتقه. لقد كسر بنو إسرائيل العهد بعد عبادتهم للعجل الذهبي، وغضب الرب عليهم. لكن رحمة الله كانت أكبر من خطاياهم، فأمر موسى أن ينحت لوحين من حجر، مثل الأولين، ويصعد إلى الجبل مرة أخرى ليكتب عليهما الكلمات التي كانت على الألواح الأولى.

حمل موسى اللوحين الحجريين بين يديه، وبدأ يصعد ببطء على المنحدرات الصخرية لجبال سيناء. كل خطوة كانت تذكّره بخطية الشعب، وكل نفس كان يرفعه نحو السماء كصلاةٍ خاشعة. وعندما وصل إلى القمة، نزل الرب في سحابةٍ كثيفة، ووقف هناك مع موسى، ونادى باسم الرب.

فاجتاز الرب أمامه ونادى: “الرَّبُّ الرَّبُّ، إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ. الَّذِي يَحْفَظُ الإِحْسَانَ إِلَى أُلُوفٍ، وَيَغْفِرُ الإِثْمَ وَالْمَعْصِيَةَ وَالْخَطِيَّةَ. وَلكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ الْمُذْنِبَ، بَلْ يَفْتَقِدُ إِثْمَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي أَبْنَاءِ الأَبْنَاءِ إِلَى الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ.”

فأسرع موسى وخرَّ على وجهه ساجداً، وقال: “يا رب، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك، فليسرِ الرب معنا. إن هذا الشعب قاسي الرقبة، لكن اصفح عن ذنوبنا وخطايانا، وخذنا ميراثاً لك.”

فأجاب الرب: “ها أنا أقيم عهداً أمام جميع شعبك. سأصنع عجائب لم تُصنع في كل الأرض ولا في جميع الأمم، فيرى جميع الشعب الذي أنت بينهم عمل الرب، لأنه مخيف ما أنا فاعلٌ بك.”

ثم أعطى الرب لموسى الوصايا مرة أخرى، وكتب على الألواح كلمات العهد، الوصايا العشر. وأوصاه أن يحفظ بنو إسرائيل هذه الكلمات، وأن لا يقطعوا عهداً مع سكان الأرض الذين سيذهبون إليها، لئلا يصيروا فخاً بينهم. وأمرهم أن يحطموا تماثيل آلهتهم، ويكسروا أنصابهم، ولا يسجدوا لإلهٍ آخر، لأن الرب اسمه غيور، وهو إله غيور.

وأكد لهم أن يحفظوا عيد الفطير، ويعيدوا كل بكرٍ للرب، ولا يظهروا أمامه فارغين. وأن لا يطبخوا جدياً بلبن أمه.

وبقي موسى على الجبل أربعين يوماً وأربعين ليلة، لم يأكل خبزاً ولم يشرب ماءً، وكتب الرب على الألواح كلمات العهد.

وعندما نزل موسى من الجبل، وكان اللوحان في يده، لم يعلم أن وجهه صار يلمع من جرّاء الكلام الذي تكلم به الرب معه. فلما رآه هارون وكل بني إسرائيل، خافوا من الاقتراب منه بسبب بهاء وجهه. فدعاهم موسى، وكلّمهم بكل ما أوصاه الرب. ثم وضع على وجهه برقعاً عندما ينتهي من الكلام مع الشعب.

وهكذا تجدد العهد بين الرب وشعب إسرائيل، وتأكدت رحمة الله التي تتجاوز الخطية، وقداسته التي لا تُساوم. فتعلم الشعب أن الرب إله رحيم، لكنه قدوسٌ لا يُساهل في الشر.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *