الكتاب المقدس

نقوش الشريعة على جبل عيبال: عهد الله وشعبه

**قصة نقوش الشريعة على جبل عيبال**

في تلك الأيام، عندما اقترب بنو إسرائيل من أرض الموعد بعد سنوات طويلة من التيه في البرية، جمع موسى النبي جميع الشعب أمامه. كانت الشمس تميل نحو الغروب، وصخور جبل عيبال وجبل جرزيم تلوح في الأفق كشاهديّ عهد بين الله وشعبه. ابتدأ موسى يكلمهم بصوت جهوري، مرددًا كلمات الرب التي تسري كالنار في العظام:

“اسمعوا يا إسرائيل! اليوم تصيرون شعبًا خاصًا للرب إلهكم. وعندما تعبرون الأردن إلى الأرض التي أعطاكم إياها، تقيمون حجارة كبيرة وتكلسونها بالكلس، وتنقشون عليها جميع كلمات هذه الشريعة. لتكون شاهدة عليكم إلى الأبد!”

فأخذ الشعب الحجارة الضخمة من قاع النهر، وحملوها على أكتافهم بكل عناء، لكن قلوبهم كانت ممتلئة رجاءً. وصعدوا إلى جبل عيبال، حيث أمرهم الرب أن يبنوا هناك مذبحًا لله من حجارة غير منحوتة، لم تمسها أداة من حديد، رمزًا لطهارة العبادة. وذبحوا عليه ذبائح سلامة، وأكلوا هناك أمام الرب فرحين.

ثم أخذ الكهنة اللاويون الحجارة المكلسة، ونقشوا عليها الشريعة بحروف بارزة، كي تلمسها أيادي الأجيال القادمة وتقرأها عيونهم. وكانت الحروف تشع كالنور، وكأن أصبع الله نفسه قد حفرها في الصخر. وعندما انتهوا، وقف موسى والشيوخ أمام الشعب، ونادوا بصوت عالٍ:

“اليوم قد صرتم شعبًا للرب! فلتكن هذه الحجارة تذكارًا أبديًا. فإذا سألكم أولادكم غدًا: ما معنى هذه الحجارة؟ تخبرونهم بقصة عهدكم مع الإله الحقيقي!”

ثم قسم موسى الشعب إلى قسمين: وقف ستة أسباط على جبل جرزيم لتبارك الطائعين، وستة أسباط على جبل عيبال لينطقوا باللعنات على العصاة. ورفع الكهنة أصواتهم، مرددين وصايا الرب واحدة تلو الأخرى، وكان الشعب يجيب بعد كل وصية: “آمين!”

“ملعون من يصنع تمثالًا منحوتًا أو صنمًا، رجسًا لدى الرب!” فتهتز الجبال بصوت الشعب: “آمين!”
“ملعون من يحتقر أباه أو أمه!” فترتجف الأودية: “آمين!”
“ملعون من يضل الأعمى عن الطريق!” فيصرخ الجميع كرعد عظيم: “آمين!”

وهكذا استمرت اللعنات الاثنتا عشرة، تتردد بين الجبلين كدينونة مقدسة. وكانت الشمس قد غابت، لكن نور الشريعة بقي منقوشًا في الحجارة، وفي قلوب المؤمنين. ونزل الشعب من الجبل، وعيناه تفيضان بدموع الخشوع، عارفين أن الرب قد جعلهم أمة مقدسة، وشهودًا على عدله إلى الأبد.

وهكذا تمت كلمات موسى، كما أمره الرب، لتبقى الشريعة نورًا وهّاجًا في أرض الموعد، تذكيرًا دائمًا بأن البركة للحافظين العهد، واللعنة للعاصين.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *