الكتاب المقدس

نبوءة إشعياء عن دينونة بابل

**قصة نبوءة إشعياء ضد بابل**

في تلك الأيام، عندما كانت مملكة يهوذا تحت تهديد الأمم المحيطة، وقف النبي إشعياء في هيكل الرب، ممتلئًا بالروح القدس، ونطق بكلمة الله التي أُعلنت له في رؤيا مهيبة. كانت كلماته ثقيلة كالرصاص، تحمل دينونةً سماوية على بابل، تلك المدينة العظيمة المتعجرفة التي كانت رمزًا للقوة والشر في ذلك الزمان.

بدأ إشعياء يقول:

**”إِنَّهَا رُؤْيَا رَأَيْتُهَا، وَهِيَ آتِيَةٌ لَا مَحَالَةَ! اِسْمَعُوا يَا شُعُوبَ الأَرْضِ، فَإِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ، يَوْمٌ عَظِيمٌ مَخُوفٌ، يَوْمُ سَخَطٍ وَغَضَبٍ!”**

وتحركت يد الرب على النبي، فأعلن أن الله سيُقيم جيشًا عظيمًا من أقاصي الأرض، من مملكة مادي العتيقة، ليجعلهم أداة دينونته. سيأتون كالجراد الذي لا يُحصى، بسيوف لامعة وتروس متلألئة، لا يرحمون شيخًا ولا يشفقون على طفل. صوتهم كزئير الأسود، وقدماهم كالريح العاصفة، لا يعرفون التعب ولا الملل حتى تُسفك دماء الأبرياء وتُدمر بابل بكبريائها.

**”هَذَا هُوَ يَوْمُ الرَّبِّ، يَوْمُ الانْتِقَامِ! الشَّمْسُ تُظْلِمُ فِي وَسَطِ النَّهَارِ، وَالْقَمَرُ لا يُضِيءُ بِنُورِهِ. الْجِبَالُ تَتَزَلْزَلُ، وَالْأَوْطَانُ تَخْرُبُ، وَكُلُّ قُلُوبِ النَّاسِ تَذُوبُ خَوْفًا!”**

ثم وصف إشعياء حال بابل العظيمة، مدينة الذهب والمتاع، التي اعتقدت أنها أبدية لا تُهزم. لكن الله سيجعلها كسدوم وعمورة، لا يُقيم فيها إنسان إلى الأبد، ولا يسكنها بدويٌّ أو راعي غنم. بل ستكون مسكنًا للوحوش والطيور الكاسرة، حيث يُعلن البوم والغربان على أطلالها، ويُسمع عواء الذئاب في قصورها الخربة.

**”لَنْ تُشْعَلَ فِيهَا نَارٌ، وَلَنْ يَحْتَمِيَ بِهَا أَحَدٌ. بَلْ تَصِيرُ مَسْكَنًا لِلدَّهَاشِيرِ وَالْوَحْشِ، وَمَأْوًى لِبَنَاتِ الْبُومِ!”**

وتنبأ النبي أن بابل، التي افتخرت بحكمتها وقوتها، ستُسقطها يد الرب فجأة، كالمرأة التي تأخذها آلام المخاض بلا رحمة. لن ينقذها ساحروها ولا مُنجموها، بل سيصيرون كالقش الذي تذروه الرياح. حتى أقوى جنودها سيترنحون كالسكارى، ويقعون بسيوف بعضهم بعضًا، لأن الرب قد أعمى بصيرتهم.

وفي النهاية، رفع إشعياء صوته بالقول:

**”هكَذَا يَقْضِي الرَّبُّ عَلَى بَابِلَ وَيُهْلِكُهَا، لِأَنَّهَا قَتَلَتْ وَاسْتَذَلَّتْ شَعْبَهُ. لِذلِكَ تَبِيدُ مَمْلَكَتُهَا كُلُّهَا، وَلَنْ تَقُومَ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!”**

وهكذا تمت كلمة الرب على فم إشعياء، لتبقى عبرة للأجيال أن الله هو ضابط التاريخ، يرفع الأمم ويخفضها حسب قصده القدوس.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *