الكتاب المقدس

إيمان المرأة الخاطئة ومحبة يسوع الغافرة

**القصة: إيمان المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي**

في أحد الأيام، كان يسوع يجول في مدن الجليل وقرى السامرة، يعلّم ويشفي كل من يأتي إليه. وكانت كلماته كالنور تُضيء قلوب السامئين، وكالماء الحي يُطفئ عطش النفوس المتعبة. وفي إحدى المرات، دُعي إلى بيت سمعان الفريسي، أحد رؤساء اليهود، ليتناول معه طعامًا.

كان بيت سمعان فخمًا، تزينه الأعمدة المنحوتة والسجاد الفاخر، وحوله خدم يهرعون لتلبية حاجات الضيوف. لكن ما حدث في ذلك اليوم كان شيئًا لم يتوقعه أحد.

بينما كان الجميع متكئين حول المائدة، دخلت امرأة إلى البيت. كانت معروفة في المدينة بأنها خاطئة، عاشت حياة مليئة بالخطيئة والعار. لكن كلمات يسوع التي سمعتها من قبل حركت شيئًا عميقًا في قلبها. حملت معها قارورة طيب غالية الثمن، مصنوعة من العطور النادرة، واقتربت من يسوع بقلب منكسر.

وبدأت دموعها تنهمر كسيل جارف، حتى بللت قدمي يسوع. ثم، بلا خجل، نشرت شعرها الطويل، وجعلت تمسح قدميه بشعرها، وتقبلهما بحرارة. بعد ذلك، فتحت قارورة الطيب، وسكبته على قدميه، فامتلأ البيت عبقًا زكيًا.

أما سمعان الفريسي، فلما رأى هذا المنظر، قال في نفسه: “لو كان هذا الرجل نبيًا لعلم من هذه المرأة التي تلمسه، وما هي! إنها خاطئة!”

فعرف يسوع أفكاره، والتفت إليه قائلًا: “يا سمعان، عندي شيء أقوله لك.”

فأجاب سمعان: “قل يا معلم.”

فبدأ يسوع يحكي له مثلًا: “كان لرجلٍ ما مديونان، على أحدهما خمسمئة دينار، وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكن لديهما ما يوفيان، سامحهما الدائن بكليهما. فأيُّهما يحبه أكثر؟”

فأجاب سمعان: “أظن الذي سامحه بالدين الأكبر.”

فقال له يسوع: “بالحق حكمتَ.” ثم أشار إلى المرأة، وقال: “أترى هذه المرأة؟ إني دخلت بيتك، ولم تقدم لي ماءً لغسل قدميَّ، أما هي فقد غسلتهما بدموعها ومسحتهما بشعرها. لم تُقبّلني أنا، أما هي فلم تكفّ عن تقبيل قدميَّ منذ دخلت. لم تدهن رأسي بالزيت، أما هي فقد سكبت الطيب على قدميَّ. لذلك أقول لك: إن خطاياها الكثيرة قد غُفرت، لأنها أحبت كثيرًا. أما الذي يُغفر له قليل، فإنه يُحب قليلًا.”

ثم التفت إلى المرأة وقال لها: “مغفورةٌ لك خطاياك.”

فتعجب الجالسون، وقالوا في أنفسهم: “من هذا الذي يغفر الخطايا أيضًا؟”

أما يسوع فقال للمرأة: “إيمانكِ قد خلّصكِ. اذهبي بسلام.”

فخرجت المرأة وقلبها يفيض فرحًا، لأنها لم تختبر المغفرة فحسب، بل عرفت محبة الله التي تقبل التائبين بكل حنان. وهكذا، أظهر يسوع أن محبته لا تحكم بالمظاهر، بل تنظر إلى القلب المنكسر التائب.

**النهاية**

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *