الكتاب المقدس

مجد المسيح وسلطانه في رسالة كولوسي

**قصة من رسالة كولوسي 1: مجد المسيح وسلطانه**

في مدينة كولوسي، حيث تنتشر التلال الخضراء والسهول الواسعة، اجتمع المؤمنون في بيت أحد الإخوة ليستمعوا إلى الكلمات التي كتبها الرسول بولس لهم. كانت الشمس تميل نحو الغروب، وصوت حفيف الأشجار يملأ الجو بهدوء مقدس. جلسوا حول لفيفة الرسالة، وبدأ أحد الشيوخ يقرأ بصوت واضح ومليء بالإيمان:

**”بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى الْقِدِّيسِينَ فِي كُولُوسِّي، وَالإِخْوَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ…”**

توقف القارئ للحظة، ونظر إلى الحضور بعينين تلمعان بالفرح. كان الجميع يصغون باهتمام، وكأن كلمات الرسالة تلامس أعماق قلوبهم. ثم واصل القراءة:

**”نَشْكُرُ اللهَ وَأَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ فِي صَلَوَاتِنَا لأَجْلِكُمْ…”**

ابتسمت امرأة عجوز كانت تجلس في الزاوية، وتذكرت كيف قبلت الإيمان منذ سنوات، وكيف غيّر المسيح حياتها. كانت تشعر الآن أن هذه الكلمات موجهة لها شخصياً.

ثم تابع القارئ:

**”لأَنَّنَا سَمِعْنَا بِإِيمَانِكُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَمَحَبَّتِكُمْ لِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ…”**

هنا، التفت شاب يدعى نيكانور إلى صديقه وقال بصوت خافت: “أترون كيف أن محبتنا بعضنا لبعض هي علامة إيماننا؟” فأومأ صديقه موافقاً، بينما استمر القارئ في الكشف عن عمق الرسالة.

**”الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ…”**

ارتعشت أصوات الحاضرين عندما سمعوا هذه الكلمات. تذكر أحدهم أيامه قبل أن يعرف المسيح، وكيف كان يعيش في خوف وظلام. أما الآن، فقد صار له رجاء حقيقي.

ثم جاءت الكلمات التي جعلت الجميع يسكتون بخشوع:

**”الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى…”**

رفع أحد الحكماء يديه إلى السماء وهو يهمس: “سبحانك يا رب! فالمسيح هو قبل كل شيء، وبه يقوم الكل!”

وتعمق الرسول بولس في شرح عظمة المسيح، فقال:

**”وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ الْبَدْءُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ…”**

هنا وقف شاب يدعى أرخيبوس، وكان خادماً في الكنيسة، وقال بثقة: “هذا هو أساس خدمتنا! المسيح هو الرأس، ونحن الجسد. يجب أن نعيش له وحده!”

ثم وصلت الرسالة إلى ذروتها:

**”فَإِنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ، وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ…”**

سقطت دموع الفرح من عيون الحاضرين. فقد أدركوا أن المسيح لم يخلق العالم فحسب، بل جاء أيضاً ليصالحهم مع الله بدمه الكريم.

وأخيراً، ختم القارئ بقول الرسول بولس:

**”إِنْ كُنْتُمْ تَثْبُتُونَ فِي الإِيمَانِ، مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُشَدَّدِينَ فِي الإِيمَانِ كَمَا تُعَلِّمْتُمْ…”**

نهض الجميع وهم يسبحون الله، عازمين أن يعيشوا كل يوم في نور هذه الحقائق العظيمة. فقد فهموا أن المسيح هو الكل في الكل، وأن حياتهم يجب أن تكون له وحده.

وهكذا، انتهى الاجتماع، لكن كلمة الله بقيت حية في قلوبهم، تُذكِّرهم دائماً بمجد المسيح وسلطانه على كل شيء.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *