الكتاب المقدس

الرحلة العظيمة مسيرة بني إسرائيل من سيناء

**الرحلة العظيمة: مسيرة بني إسرائيل من سيناء**

في اليوم العشرين من الشهر الثاني من السنة الثانية لخروج بني إسرائيل من أرض مصر، كانت الشمس تشرق بلون ذهبي فوق صحراء سيناء، حيث كان المخيم الإسرائيلي يغطي الوادي كسجادة مترامية الأطراف من الخيام. كان الرب قد أمر موسى بصنع بوقين من الفضة، مُطرَّزين بتفاصيل دقيقة، ليُستخدما في تجميع الشعب وإعلان الرحيل.

وبينما كان موسى وهارون يقفان أمام خيمة الاجتماع، رفع موسى البوق إلى شفتيه ونفخ فيه نفخة طويلة وقوية، فاهتزت الأرض تحت الأقدام، وتوقفت كل الأصوات في المخيم. كان الصوت كالرعد، ينطلق عبر السهول والجبال، معلناً أن الوقت قد حان للرحيل. فجمعت كل الأسباط أنفسها، كلٌ حسب رايته، وبدأوا يضبطون صفوفهم استعداداً للمسيرة.

كانت السحابة التي تمثل حضور الرب، والتي كانت تظلل المخيم نهاراً، تتحرك ببطء فوق خيمة الاجتماع. وعندما ارتفعت السحابة من على الخيمة، صرخ الحراس: “حان وقت الرحيل!” فبدأت الأسباط بالتحرك بنظام دقيق، كل سبط خلف قائده، وراء الراية الخاصة به.

أول من تحرك كان سبط يهوذا، برايتهم المرفوعة عالياً، تلاهم سبط يساكر ثم زبولون. وكانت عربات تحمل خيمة الاجتماع، التي تفككها بنو جرشون وبنو مراري بحرص شديد، إذ كانت هذه الخيمة المقدسة تمثل مسكن الرب بينهم. وراءهم جاءت أسباط رئوبين وشمعون وجاد، يسيرون بخطى ثابتة، بينما يتراكض الأطفال بين الصفوف، متحمسين للمغامرة الجديدة.

وفي المؤخرة، كان سبط دان، كحارس للجميع، يتبعه أشير ونفتالي. وكان موسى وهارون يسيران بالقرب من تابوت العهد، الذي يحمله الكهنة بوقار، بينما يرفع الشعب أصواتهم بالترانيم، طالبين حماية الرب في رحلتهم.

كانت الأرض ترتج تحت أقدام مئات الآلاف من بني إسرائيل، وكان صوت الأبواق يتكرر بين الحين والآخر، إما لتنبيه الشعب أو لتعديل المسيرة. وعندما كانت الشمس تبدأ بالغروب، كانت السحابة تنزل على مكان معين، فيصرخ القادة: “هنا ننزل!” فيقوم الشعب بإقامة المخيم من جديد، وتُبنى خيمة الاجتماع في الوسط، كعلامة على أن الرب معهم في كل خطوة.

وفي تلك الليالي، كان موسى يخرج ليسمع صوت الرب الذي يكلمه من فوق تابوت العهد، ويُعطيه التعليمات للشعب. وكان الشعب ينامون مطمئنين، لأنهم يعلمون أن الرب هو الذي يقودهم، نهاراً بالسحابة، وليلاً بعمود النار، الذي كان يضيء البرية كشمس في ظلام الليل.

وهكذا، استمرت المسيرة، يوماً بعد يوم، والشعب يتعلم أن طاعة الرب هي طريق الأمان، وأن الإيمان به هو الضمانة الوحيدة للوصول إلى الأرض الموعودة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *