الكتاب المقدس

أليشع والنبوءة الخفية: قوة الرب وحكمته

**قصة أليشع والنبوءة الخفية: من سفر الملوك الثاني الأصحاح السادس**

في تلك الأيام، كان النبي أليشع رجل الله الممتلئ بقوة الرب وحكمته. وكانت كلماته كسيف ماضٍ، تنفذ إلى أعماق القلوب وتكشف الأسرار الخفية. وفي أحد الأيام، اجتمع بنو الأنبياء حوله وقالوا له: “انظر، المكان الذي نسكن فيه معك ضيق علينا. دعنا نذهب إلى الأردن ونأخذ من هناك كل واحد خشبة ونبني لنا مكانًا نسكن فيه.”

فأجابهم أليشع: “اذهبوا.”

لكن أحدهم توسل إليه قائلًا: “إرجع مع عبيدك، نطلب منك.” فأطاعهم أليشع وذهب معهم.

ولما وصلوا إلى نهر الأردن، شرعوا في قطع الأشجار. وإذ بأحدهم، بينما كان يقطع خشبة، سقط الحديد من الفأس في الماء. فصرخ قائلًا: “آه يا سيدي، إنها مستعارة!”

فقال له رجل الله: “أين سقطت؟” فأراه الموضع. فقطع أليشع قطعة من الخشب وطرحها هناك، فطفا الحديد على وجه الماء. فقال له أليشع: “خذها.” فمد الرجل يده وأخذها.

### **أليشع يكشف أسرار ملك أرام**

وفي ذلك الوقت، كان بنهدد ملك أرام يحارب إسرائيل. وكان يتشاور مع رجاله ويضع كمائن في أماكن معينة. لكن أليشع كان يرسل إلى ملك إسرائيل قائلًا: “احذر من المرور في هذا المكان، لأن الأراميين ينزلون هناك.” فكان ملك إسرائيل يحذر المكان الذي ذكره له رجل الله، فلم يقع في الكمين مرة ولا مرتين.

فاضطرب ملك أرام في قلبه ودعا عبيده وقال لهم: “ألا تخبرونني من الذي يخونني لملك إسرائيل؟”

فأجاب واحد من رجاله: “ليس كذلك يا سيدي الملك، بل أليشع النبي الذي في إسرائيل يخبر ملك إسرائيل بالكلام الذي تتكلم به في مخدعك.”

فغضب الملك وأرسل خيلًا ومركبات وجيشًا عظيمًا ليلًا، فحاصروا المدينة التي كان فيها أليشع.

### **الجيش الأرامي الأعمى**

ولما قام خادم أليشع باكرًا في الصباح، رأى الجيش محيطًا بالمدينة بالخيل والمركبات، فخاف جدًا وقال لأليشع: “آه يا سيدي، كيف نصنع؟”

فأجابه النبي: “لا تخف، لأن الذين معنا أكثر من الذين معهم.” ثم صلى أليشع قائلًا: “يا رب، افتح عينيه ليرى.” ففتح الرب عيني الخادم، فنظر وإذا بالجبل مملوء خيلًا ومركبات نار حول أليشع.

ولما نزل الأراميون نحوه، صلى أليشع إلى الرب قائلًا: “اضرب هؤلاء الأمم بالعمى.” فضربهم الرب بالعمى حسب كلمة أليشع.

ثم خرج إليهم أليشع وقال: “ليس هذا هو الطريق، ولا هذه هي المدينة. اتبعوني فأقودكم إلى الرجل الذي تطلبونه.” فقادهم إلى السامرة.

### **الرحمة في وسط الحرب**

ولما دخلوا السامرة، صلى أليشع إلى الرب قائلًا: “يا رب، افتح أعين هؤلاء ليروا.” ففتح الرب أعينهم، فإذا هم في وسط السامرة.

فلما رآهم ملك إسرائيل، قال لأليشع: “أأضربهم يا أبي؟”

فأجابه أليشع: “لا تضربهم. هل تضرب من سبيتهم بسيفك وقوسك؟ قدم لهم خبزًا وماءً ليأكلوا ويشربوا ثم ليرجعوا إلى سيدهم.”

فصنع لهم وليمة عظيمة، فأكلوا وشربوا ثم أطلقهم، فرجعوا إلى سيدهم. فلم تعد غزوات الأراميين تتكرر على أرض إسرائيل بعد ذلك.

وهكذا أظهر الله قوته وحكمته من خلال عبده أليشع، فكانت النبوءة تخرج من فمه، والرجال الأعداء يتحولون إلى ضيوف، والحديد يطفو على الماء، لأن يد الرب كانت مع عبده الأمين.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *