**قصة عنيانا وحنانيا: اختبار الأمانة لله**
في أيام الكنيسة الأولى، بعد صعود الرب يسوع إلى السماء، كان التلاميذ ممتلئين من الروح القدس، يعلمون بجرأة ويصنعون آيات وعجائب باسم الرب. وكان جميع المؤمنين قلباً واحداً ونفساً واحدة، يبيعون ممتلكاتهم ويقدمون الأموال عند أقدام الرسل لتوزع على المحتاجين. وكانت نعمة الله عظيمة على الجميع.
لكن كان هناك رجل اسمه **عنيانا**، وزوجته **حنانيا**، اللذان آمنا بالرب يسوع وبيعا حقلًا كان يملكانه. لكن الشيطان ملأ قلب عنيانا بالخداع، فاتفق مع زوجته على أن يختلسا جزءًا من الثمن ويقدما الباقي للرسل، كأنهما يقدمان الكل.
وفي يوم من الأيام، جاء عنيانا ومعه المال، ووضعه عند أقدام الرسل. ولكن بطرس، ممتلئًا بالروح القدس، عرف خداعه، فقال له: **”يا عنيانا، لماذا ملأ الشيطان قلبك حتى تكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل؟ أليس وهو باقٍ كان يبقى لك؟ ولما بيع ألم يكن في سلطانك؟ فما بالك وضعت في قلبك هذا الأمر؟ أنت لم تكذب على الناس بل على الله!”**
وللحال، سقط عنيانا على الأرض ميتًا. فدخل خوف عظيم على جميع الذين سمعوا بهذا الأمر. فقام الشبان ولفوه وحملوه خارجًا ودفنوه.
وبعد نحو ثلاث ساعات، دخلت زوجته **حنانيا**، وهي لا تعلم ما حدث. فسألها بطرس: **”أخبريني، أبهذا المقدار بعتما الحقل؟”** فأجابت: **”نعم، بهذا المقدار.”**
فقال لها بطرس: **”كيف اتفقتما أن تجربا روح الرب؟ هوذا أرجل الذين دفنوا زوجك على الباب، وسيحملونك خارجًا!”**
فسقطت في الحال عند رجليه وماتت. فدخل الشبان ووجدوها ميتة، فحملوها ودفنوها بجانب زوجها. فصار خوف عظيم في الكنيسة وعلى جميع الذين سمعوا بهذا.
**قوة الله تظهر في الكنيسة**
وأما الرسل، فكانوا يصنعون آيات وعجائب كثيرة بين الشعب. وكان الجميع يجتمعون بروح واحد في رواق سليمان، ولم يكن أحد من الآخرين يجسر أن يلتصق بهم، لكن الشعب كان يمجّدهم.
وكان المؤمنون يزدادون عددًا، رجالاً ونساءً، كثيرين جدًا، حتى إنهم كانوا يحملون المرضى في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرة، حتى إذا جاء بطرس، يخيّم ولو ظله على أحد منهم فيشفى.
**اضطهاد الرسل وسجنهم**
فقام رئيس الكهنة وجميع الذين معه، وهم شيعة الصدوقيين، وامتلأوا غيرة وحسدًا، فألقوا الأيادي على الرسل ووضعوهم في السجن العام.
ولكن في الليل، فتح ملاك الرب أبواب السجن وأخرجهم وقال: **”اذهبوا قفوا في الهيكل وكلّموا الشعب بجميع كلام هذه الحياة!”**
فلما أصبح الصباح، اجتمع رؤساء الكهنة والمجمع، وأرسلوا إلى السجن ليُحضَروا الرسل. ولكن الخدام جاءوا ولم يجدوهم في السجن، فرجعوا وقالوا: **”إننا وجدنا السجن مغلقًا بأمان، والحراس واقفين على الأبواب، ولكن لما فتحنا لم نجد أحدًا في الداخل!”**
فلما سمع رئيس الكهنة وقائد جند الهيكل وباقي الرؤساء هذه الأقوال، ارتابوا من أمرهم: **”ماذا عسى أن يكون هذا؟”**
ثم جاء أحد وقال لهم: **”هوذا الرجال الذين وضعتموهم في السجن، هم واقفون في الهيكل يعلمون الشعب!”**
فمضى قائد الجند مع الخدام وأحضروهم بغير عنف، لأنهم خافوا أن يرجمهم الشعب.
**شهادة بطرس أمام المجمع**
ولما أحضروهم، أوقفوهم أمام المجمع، فسألهم رئيس الكهنة: **”ألم نوصكم وصية أن لا تعلّموا بهذا الاسم؟ وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم، وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان!”**
فأجاب بطرس والرسل وقالوا: **”ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس! إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة. هذا رفعه الله بيمينه رئيسًا ومخلّصًا، ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا. ونحن شهود له بهذه الأمور، والروح القدس أيضًا الذي أعطاه الله للذين يطيعونه!”**
فلما سمعوا هذا، غضبوا وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم.
**نصيحة غمالائيل الحكيمة**
فقام في المجمع رجل فريسي اسمه **غمالائيل**، معلم للناموس مكرم عند جميع الشعب، وأمر أن يخرج الرسل قليلاً. ثم قال لهم: **”أيها الرجال الإسرائيليون، احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس، ماذا أنتم عتيدون أن تفعلوا! لأنه قبل هذه الأيام قام ثوداس قائلاً عن نفسه إنه شيء، وانضم إليه عدد نحو أربعمائة رجل، فقتل وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا وصاروا لا شيء. وبعد هذا قام يهوذا الجليلي في أيام الاكتتاب، وأزاغ وراءه شعبًا كثيرًا، فهلَك هو أيضًا والجميع الذين انقادوا إليه. والآن أقول لكم: تنحّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم! لأنه إن كان هذا الرأي أو هذا العمل من الناس فسوف ينتقض، وإن كان من الله فلا تقدرون أن تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله!”**
فأطاعوا كلامه، واستدعوا الرسل وجلدوهم، وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع، ثم أطلقوهم.
**فرح الرسل واستمرار الكرازة**
أما هم فخرجوا من أمام المجمع فرحين، لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه. وكانوا كل يوم في الهيكل وفي البيوت لا يكفون عن تعليم الرب يسوع المسيح وبشارة نعمته.
وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتزداد، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة كانوا يطيعون الإيمان.
**خاتمة**
لقد أظهر الله قوته في الكنيسة الأولى، مؤكدًا أن الأمانة والصدق هما أساس العبادة الحقيقية. فكما عاقب عنيانا وحنانيا على خداعهما، بارك الرسل والمؤمنين الأمناء الذين بشروا بجرأة، حتى في وجه الاضطهاد. وهكذا يجب أن نكون نحن أيضًا أمناء لله، غير خائفين من العالم، لأن من يطيع الله أكثر من الناس ينال بركته وحمايته إلى الأبد.