الكتاب المقدس

قصة أبناء نوح والسلالات التي تفرعت منهم

**قصة أبناء نوح والسلالات التي تفرعت منهم**

في تلك الأيام، بعد أن نجا نوح وعائلته من الطوفان العظيم، بدأت الأرض تعمر من جديد بأبناء نوح الثلاثة: سام وحام ويافث. ومن هؤلاء الثلاثة تفرعت كل قبائل الأرض، وانتشرت الأمم في كل جهة. وكانت هذه هي بداية الأمم كما سجلها سفر التكوين في الأصحاح العاشر.

### **يافث وبنوه: شعوب الشمال والغرب**
كان يافث أكبر أبناء نوح، ومن نسله جاءت الشعوب التي سكنت الجبال الشمالية والجزر البعيدة. وكان ليافث سبعة أبناء عرفوا بقوتهم وحكمتهم:

1. **جومر**: ومن نسله تكونت قبائل السكيثيين والأرمن، الذين سكنوا في الشمال البعيد، حيث الثلج والجبال الشاهقة.
2. **ماجوج**: وكان نسله من المحاربين الأشداء، سكنوا في أراضٍ قاسية، وعرفوا بالبأس في الحروب.
3. **ماداي**: ومنه جاء الميديون، الذين سكنوا في الهضاب الفارسية، وكانوا رعاة وحكماء.
4. **ياوان**: وهو أبو اليونانيين، الذين ملأوا الجزر بالحكمة والفنون، وبنوا السفن العظيمة.
5. **توبال**: ومن نسله جاءت قبائل الأناضول، الذين برعوا في صناعة النحاس والأسلحة.
6. **ماشك**: وكانوا سكان الجبال الوعرة، اشتهروا بالصيد والقوة.
7. **تيراس**: وهو أبو التراقيين، الذين سكنوا ضفاف الأنهار الكبيرة، وعبدوا آلهة كثيرة.

هكذا انتشرت شعوب يافث في السهول والجبال، وكانوا كثيري العدد، ولكل قبيلة لغتها وعاداتها.

### **حام وبنوه: شعوب الجنوب والأرض السوداء**
أما حام، فقد كان أبًا لشعوب كثيرة سكنت في الجنوب، في أرض مصر وكنعان وأفريقيا. وكانت أراضيهم خصبة، لكن بعض نسله عرفوا بالعصيان. ومن أبناء حام:

1. **كوش**: الذي سكن في أرض النوبة، حيث الذهب والفراعنة الأقوياء. ومن نسله نمرود، الصياد الجبار الذي بنى بابل ونينوى.
2. **مصرايم**: وهو أبو المصريين، الذين شيدوا الأهرامات وعبدوا آلهة الشمس، وكانوا علماء في الطب والهندسة.
3. **فوط**: الذي سكن في ليبيا، وكان نسله رحّلاً يعيشون في الخيام.
4. **كنعان**: الذي استقر في أرض فلسطين، لكنه لعن بسبب خطيئة أبيه حام، فصار نسله عبيدًا لسام.

وكان لنمرود، ابن كوش، قصة عظيمة، فقد كان أول جبار في الأرض، وملكًا على بابل وأرض شنعار. بنى مدنًا عظيمة مثل أكاد وكالح، وكان صيادًا مقدامًا أمام الرب، لكن كبرياءه جعلته يتحدى السماء.

### **سام وبنوه: شعوب المشرق وأهل العهد**
أما سام، فقد كان أبو كل بني عابر، ومن نسله جاء العبرانيون والآراميون والعرب. وكان سامٌ بارًا، فمنحه الرب بركة خاصة. ومن أبنائه:

1. **عيلام**: الذي سكن في بلاد فارس، وكان نسله محاربين أشداء.
2. **آشور**: الذي بنى نينوى العظيمة، وأسس مملكة آشور القوية.
3. **أرفكشاد**: ومنه جاءت سلالة إبراهيم، الذي صار أبًا للإيمان.
4. **لود**: الذي سكن في آسيا الصغرى، وعرف نسله بالتجارة.
5. **آرام**: وهو أبو الآراميين، الذين تكلموا لغة السيد المسيح فيما بعد.

ومن أرفكشاد جاءت الأجيال التي قادت إلى إبراهيم، الرجل الذي اختاره الرب ليكون أمة عظيمة. وهكذا، من سام جاء شعب الله المختار، الذين حملوا الوعد والبركة.

### **ختام القصة**
هكذا تفرعت الأرض بعد الطوفان، وامتلأت بالشعوب والأمم. كلٌ سكن حيث قادته العناية الإلهية، ولكل أمة لغتها وثقافتها. لكن في وسط كل هذه الأجيال، كان الرب يهيئ الطريق لظهور إبراهيم، الذي منه تباركت كل قبائل الأرض.

وهكذا نرى يد الله ترسم خريطة التاريخ، وتوجه مصائر البشر من أجل تحقيق وعوده العظيمة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *