الكتاب المقدس

دينونة أورشليم في سفر إشعياء

**قصة من سفر إشعياء: دينونة أورشليم**

في تلك الأيام، حين كانت أورشليم تعج بالخطية والكبرياء، تكلم الرب على لسان النبي إشعياء بكلمات قاسية تنذر بالدينونة. فقد ملأت شرور الشعب مكيال الصبر الإلهي، فقرر الرب أن ينزع عنهم كل عونٍ وسند.

كانت المدينة تبدو في ظاهرها مزدهرة، تزينت شوارعها بالذهب والفضة، وامتلأت بيوت الأغنياء بالخيرات، لكن القلوب كانت بعيدة عن الرب. تكاثر الظلم بين الناس، وصار القضاة يقبلون الرشوة، والأرامل يصرخن من الجور، والأيتام يُتركون بلا راعٍ يحميهم. النساء المتعجرفات مشين برؤوس مرفوعة، متزينات بالحلي والأساور، يخطفن الأنظار بجمالهن الزائف، لكنهن في الحقيقة كن يحملن قلوبًا مملوءة كبرياءً وإثمًا.

فرفع الرب صوته من خلال النبي قائلاً: **”هوذا السيد الرب القدير ينزع من أورشليم ويهوذا كل عكاز خبزٍ وعكاز ماءٍ، الجبار والمحارب، القاضي والنبي، والرائي والشيخ، وقائد الخمسين والوجيه والمشير، والصائغ والبارع في السحر.”**

ستسقط المدينة العظيمة، وسيصبح رجالها العظماء تحت أقدام الأعداء. سيتصارع الصغار مع الشيوخ، ويقاوم الوضيع الكريم. سيأتي يومٌ يمسك فيه الرجل بأخيه من بيت أبيه قائلاً: **”عندك ثوب، فكن لنا رئيسًا، وهذه الخرائط تحت يدك!”** فيجيب ذلك المسكين: **”لا أستطيع أن أكون شافيًا لهذه الأرض، وليس في بيتي خبزٌ ولا ثوبٌ. لا تجعلوني رئيسًا عليكم!”**

لأن أورشليم قد سقطت، ويهوذا تزعزعت، إذ تحدثت ألسنتهم ضد الرب، وعيناهم تتطلعان إلى الكبرياء. سيقف الرب ليدين شيوخها ورؤساءها، لأنهم أهلكوا الكرمة — شعبه — وسلبوا الفقير حقه. **”ما لكم تسحقون شعبي وتطحنون وجوه المساكين؟”** يقول السيد الرب.

أما النساء المتعاليات، اللواتي كن يخطفن الأنظار بخطواتهن المتغطرسة، بحليهن المعلقة على أعناقهن، فسيجعل الرب عفنهن عارًا، ويحلق رؤوسهن التي كن يتباهين بها. عوضًا عن الطيب، ستنتن رائحتهن، وعوضًا عن الزنار الفاخر، حبلٌ خشن، وعوضًا عن الجمال المحفور على وجوهن، سُحُجٌ وعلامات ذل.

رجال المدينة الذين كانوا يسكرون في الخفاء، ويجورون في الحكم، سيقعون بالسيف، وصرخاتهم تعلو ولكن من لا يُجيب. كل مجدهم سيتلاشى كالضباب، وكل ثروتهم ستكون غنيمة للأعداء.

لكن وسط هذه الدينونة، يبقى رجاءٌ للباقين الأتقياء، الذين يخافون الرب ويطلبون عدله. **”سيقيم الرب غصنًا من أصل يسى، ويملأ الأرض بالعدل.”** فالدينونة ليست النهاية، بل هي تمهيد لعهد جديد، حيث يُقام ملكٌ عادلٌ، يُصلح ما أفسده الظالمون.

هكذا تكلم إشعياء، فهل من مُصغٍ؟

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *