الكتاب المقدس

يوحنا الأولي: محبة الله والنور في الأخوة

**قصة من رسالة يوحنا الأولى: محبة الله والأخوة في النور**

في مدينة قديمة تشرق عليها شمس البرّ، اجتمع المؤمنون حول الشيخ يوحنا، الرجل العجوز الذي عاش مع المسيح ورآه بعينيه ولمسته يداه. كان وجهه يشعّ بحكمة السماء، وعيناه تلمعان بنور المحبة. جلسوا تحت شجرة زيتون مورقة، وبدأ يحدثهم بكلمات تنبع من قلب ممتلئ بالروح القدس.

**”انظروا أيها الأحباء، كم أعطانا الآب من محبة حتى ندعى أولاد الله!”**
رفع يوحنا يديه نحو السماء، وصوته يرتجف بالفرح. **”العالم لا يعرفنا، لأنه لم يعرفه. لكننا الآن أبناء الله، ومستقبلنا مجيد، لأننا سنكون مثله حين يظهر، سنراه كما هو!”**

سكت قليلاً، ثم حدّق في عيون الحاضرين واحداً تلو الآخر. **”كل من فيه هذا الرجاء، يطهر نفسه كما هو طاهر.”**

كان هناك شاب يدعى إلياس، جلس في الصف الأمامي، عيناه تفيضان بالدموع. فقد كان يعاني من خطيئة تكبّده ألماً شديداً. قال يوحنا بلطف: **”يا بني، من يقترف الخطيئة فهو من إبليس، لأن إبليس يخطئ من البدء. أما المسيح فقد ظهر ليبطل أعمال إبليس. من وُلد من الله لا يخطئ، لأن زرعه الإلهي يثبت فيه.”**

رفع إلياس رأسه، وكأن نوراً جديداً اخترق قلبه. **”لكن كيف أعرف أنني من الله؟”** سأل بصوت خافت.

ابتسم يوحنا وأجاب: **”بهذا نعرف أولاد الله من أولاد إبليس: من لا يعمل بالبرّ فليس من الله، وكذلك من لا يحب أخاه.”** ثم أشار إلى امرأة عجوز جالسة في الظل، اسمها مرثا، كانت تعتني بالفقراء والمرضى دون تذمر. **”انظروا إلى مرثا، هي مثال للمحبة الحقيقية. لأن المحبة هي أن نضع حياتنا من أجل الأخوة، كما فعل المسيح من أجلنا.”**

تحدث رجل غني يدعى ناثان، وكان يرتدي ثياباً فاخرة، لكن قلبه كان بعيداً عن المحبة. قال باستعلاء: **”أنا أدفع العشور وأصلي كل يوم، فهل هذا يكفي؟”**

نظر يوحنا إليه بحزن. **”إن كان عندك خيرات هذا العالم، ورأيت أخاك محتاجاً وأغلقت أحشاؤك منه، فكيف تثبت محبة الله فيك؟ لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق.”**

ساد صمت عميق، ثم بدأ ناثان يرتجف، وسقط على ركبتيه. **”لقد أخطأت! سأساعد الفقراء من اليوم!”**

رفع يوحنا يديه مرة أخرى وصلى: **”لنحب بعضنا بعضاً، لأن المحبة هي من الله، وكل من يحب فقد وُلد من الله. من لا يحب، يبقى في الموت. أما نحن، فقد انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة.”**

وبينما كانت الشمس تغرب، تلامست قلوب الحاضرين بنعمة الله، وعادوا إلى بيوتهم وهم يحملون نور المحبة، عازمين أن يعيشوا كأبناء للنور.

**”بهذا نعرف أننا من الحق، ونُطمئن قلوبنا أمامه.”** — (١ يوحنا ٣: ١٩)

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *