الكتاب المقدس

قصة ميلاد إسحاق وفراق هاجر وإسماعيل

**قصة ميلاد إسحاق ورفض هاجر وابنها**

في أرض كنعان، حيث تنتشر الخيام تحت سماء زرقاء واسعة، كان إبراهيم الشيخ الأمين يجلس عند مدخل خيمته يتأمل وعود الله التي طالما انتظرها. لقد بلغ من العمر مئة عام، وسارة زوجته قد تخطت التسعين، ومع ذلك كان الله قد وعدهما بذرية ستكون أكثر من نجوم السماء ورمل البحر.

وفي يوم مشمس، بينما كانت سارة داخل الخيمة، سمعت ضحكات تملأ المكان. لقد كان إسحاق، الابن الذي منحه الله لها بعد سنوات طويلة من الانتظار، يلعب أمام الخيمة. نظرت إليه بعينين تفيضان بالفرح والشكر، فقد تحقق الوعد الإلهي. كانت ضحكاته كالموسيقى التي تملأ قلبها بالبهجة بعد عمر من العقم والانتظار.

لكن وسط هذا الفرح، كانت هناك عينان تراقبان بحزن وألم. إنهما هاجر المصرية، الجارية التي كانت في يوم من الأيام أمة لسارة. وكان معها ابنها إسماعيل، الذي كان الآن في سن المراهقة. لقد ولدته هاجر لإبراهيم قبل سنوات، بناءً على اقتراح سارة نفسها، عندما ظنت أن الوعد لن يتحقق منها. ولكن الآن، بعد مجيء إسحاق، تغيرت الأمور.

وفي يوم من الأيام، رأت سارة إسماعيل يضحك مع إسحاق، لكن شيئًا في ضحكته أزعجها. ربما كانت الغيرة، أو ربما كانت مخاوفها على مستقبل ابنها الوحيد. فذهبت إلى إبراهيم وقالت له: **”اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق.”**

تألم إبراهيم لسماع هذا الكلام، فإسماعيل هو أيضًا ابنه، وقد أحبه. لكن الله كلمه في تلك الليلة وقال: **”لا يقسي قلبك بسبب الصبي وهاجر. اسمع لقول سارة، لأن نسلك يُدعى من خلال إسحاق. ولكن سأجعل من ابن الجارية أمة أيضًا، لأنه نسلك.”**

فاستيقظ إبراهيم في الصباح الباكر، وأخذ رغيف خبز وقربة ماء ودفعها إلى هاجر، ثم ودعها هي وابنها إسماعيل. كانت عينا هاجر تذرفان الدموع، لكنها لم تحتج. عرفت أن هذه إرادة الله. فحملت ابنها وسارت في برية بئر سبع، تائهة بين الرمال والحرارة اللاهبة.

ولما نفد الماء من القربة، وضعت إسماعيل تحت إحدى الأشجار، ثم جلست بعيدًا عنه لأنها لم تعد تطيق رؤيته يتألم. **”لا أريد أن أرى الصبي يموت!”** صرخت بقلب مكسور، ورفعت صوتها بالبكاء.

لكن الله، الذي يسمع حتى أنين المحتاجين، سمع صوت الصبي. فأرسل ملاكه من السماء ونادى هاجر: **”ما لك يا هاجر؟ لا تخافي، لأن الله قد سمع لصوت الصبي حيث هو. قومي احملي الصبي وشدديه، لأني سأجعله أمة عظيمة.”**

وفتح الله عينيها فرأت بئر ماء. فأسرعت وملأت القربة وسقت ابنها. ومنذ ذلك اليوم، كان الله مع إسماعيل، فنشأ في البرية وأصبح رامي قوس ماهرًا. وأما إبراهيم وسارة، فقد عاشا في فرح باسحق، الابن الذي منه جاءت ذرية باركة، كما وعد الله.

وهكذا، في وسط المشاعر الإنسانية من فرح وحزن وغيرة وألم، تحققت مقاصد الله، الذي يعمل كل شيء لمجد اسمه ولخير الذين يحبونه.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *