الكتاب المقدس

قصة القضاة 2: سقوط الشعب ورحمة الرب

**قصة القضاة 2: سقوط الشعب وعودة الرب**

في تلك الأيام، بعد أن دخل بنو إسرائيل أرض الموعد، أرسل الرب ملاكًا من الجلجال إلى بوخيم. كان الملاك يمتطي نارًا من لهيب، ووجهه كالبرق، وصوته كهدير مياه غزيرة. وقف أمام الشعب وقال:

“أنا أصعدتكم من أرض مصر، وأدخلتكم إلى الأرض التي أقسمت لآبائكم. وقلت لا أنكث عهدي معكم إلى الأبد، وأنتم لا تقطعون عهدًا مع سكان هذه الأرض، بل تهدمون مذابحهم. ولكنكم لم تسمعوا لصوتي! فلماذا فعلتم هذا؟!”

ارتجف الشعب عند سماع كلام الملاك، وبكى رجال ونساء وأطفال بصوت عالٍ. أدركوا خطيئتهم العظيمة، لأنهم تركوا سكان الأرض يعيشون بينهم، وتزاوجوا معهم، وسجدوا لأصنامهم. فرفعوا أصواتهم بالبكاء وذبحوا ذبائح للرب في ذلك المكان، فدُعي اسمه “بوخيم”، أي “الباكون”.

ثم مات يشوع بن نون، خادم الرب، وشيوخ ذلك الجيل الذين عاينوا كل أعمال الرب العظيمة. ولكن الجيل الذي جاء بعدهم لم يعرف الرب، ولا الأعمال العظيمة التي صنعها من أجل إسرائيل. ففعل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب، وعبدوا البعليم والعشتاروث، آلهة الأمم حولهم. فاشتعل غضب الرب عليهم، وأسلمهم لأيدي الناهبين، وباعهم لأعدائهم، فلم يعودوا يقدرون على الوقوف أمامهم.

وفي كل مرة خرجوا للحرب، كانت يد الرب عليهم للشر، كما تكلم الرب وحذّرهم. فكانوا في ضيق عظيم.

ثم كان الرب يقيم لهم قضاة، فيخلصونهم من أيدي ناهبيهم. ولكنهم لم يطيعوا القضاة، بل زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها. سرعان ما انحرفوا عن الطريق الذي سار فيه آباؤهم، ولم يفعلوا كما أوصاهم الرب.

وكلما أقام الرب قاضيًا عليهم، كان الرب مع ذلك القاضي، فيخلصهم من أيدي أعدائهم طوال أيام حياة القاضي. لأن الرب كان يتنهد بسبب أنينهم من جراء الذين يضطهدونهم. ولكن بعد موت القاضي، كانوا يرجعون إلى أفعالهم الفاسدة، أشرّ من آبائهم، يتبعون آلهة أخرى، ويعبدونها ويسجدون لها. لم يتركوا أعمالهم العنيدة ولا طريقهم المتصلب.

فحمي غضب الرب على إسرائيل، وقال:

“لأن هذا الشعب قد نكث عهدي الذي أوصيت به آباءهم، ولم يسمعوا لصوتي، فأنا أيضًا لا أعود أطرد إنسانًا من أمامهم من الأمم التي تركها يشوع عند موته. لأمتحن بهم إسرائيل، أيحفظون طريق الرب ليسلكوا فيها كما حفظها آباؤهم، أم لا؟”

فترك الرب تلك الأمم في الأرض، ولم يطردهم سريعًا، ولم يسلمهم بيد يشوع. وهكذا تركت تلك الأمم لامتحان إسرائيل، ليعرف الرب هل يطيعون وصاياه التي أعطاها لآبائهم أم لا.

وبقي بنو إسرائيل في دائرة الخطية والعقاب، ثم التوبة والخلاص. كل مرة يسقطون فيها، يصرخون إلى الرب، فيستجيب لهم برحمته، ويقيم لهم مخلصًا. ولكن قلوبهم كانت دائمًا تميل إلى الشر، فتتكرر الدورة مرة بعد مرة.

وهكذا ظهرت نعمة الرب ورحمته، رغم عناد شعبه. فقد كان صبورًا طويل الأناة، ينتظر توبتهم، ويستجيب لصراخهم كلما رجعوا إليه. ولكنهم، للأسف، لم يتعلموا الدرس، وظلوا في حلقة مفرغة من المعصية والندم.

فليتنا نتعلم من أخطائهم، ونثبت في طاعة الرب، لئلا نقع في نفس الحفرة!

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *