**قصة مزمور ٥٥: صلاة في زمن الخيانة**
في أيام الملك داود، عندما كانت الضيقات تحيط به من كل جانب، وجد نفسه يواجه اختبارًا مريرًا لم يتوقعه. فقد كان الأعداء الخارجيون أمرًا اعتاد عليه، لكن هذه المرة، كان الألم أعمق، لأن الخيانة جاءت من أقرب الناس إليه.
كان داود جالسًا في قصره في أورشليم، يرفع عينيه نحو السماء، لكن قلبه كان مثقلًا بالحزن. هرب إلى الله في الصلاة، وصار يصرخ بكلمات امتلأت بالألم والثقة معًا: **”أصغِ يا الله لصلاتي، ولا تتغاضَ عن تضرعي. استمع إليَّ وأجبني، لأن أفكاري تضطرب فيّ، وأنا أئن من صوت العدو ومن ضغط الشرير.”**
كانت ذكرى الأيام الماضية تملأ ذهنه، أيام كان فيها مطاردًا من شاول، مختبئًا في البراري والجبال. لكن الآن، حتى داخل المدينة المقدسة، لم يجد راحة. فقد قام ضده رجل كان يعتبره صديقًا مقربًا، رجلًا شاركه الخبز، وسجد معه في بيت الرب. لكن قلب هذا الصديق تحول إلى قلب عدو، وكلماته التي كانت حلوة مثل العسل صارت خداعًا مميتًا.
تذكر داود كيف كانوا يسيرون معًا إلى هيكل الله، في فرح واتفاق. لكن الآن، ذلك الرجل نفسه وضع شباكًا له، يتربص به في كل زاوية. قال داود في نفسه: **”لو كان عدوي هو الذي يعيرني، لكنت احتملت. ولو كان مبغضي هو الذي تعظم عليّ، لكنت اختبأت منه. لكنه أنت يا رجل مثلي، خليلي ورفيقي، الذي معه كانت أحاديثنا حلوة، وكنا نسير معًا إلى بيت الله.”**
لكن وسط هذا الألم، لم يفقد داود رجاءه. فرفع صوته مرة أخرى إلى الرب، قائلًا: **”ألقِ على الرب همك، وهو يعولك. لن يدع الصدّيق يتزعزع إلى الأبد.”** ثم استعاد ثقته بأن الله سيدين الأشرار، وسينزل بهم إلى هاوية الهلاك، لأن دماء الأبرياء صرخاتها لا تتوقف أمام عرشه.
وفي النهاية، اختتم داود صلاته بكلمات النصرة: **”أما أنا فإني أتكل عليك يا رب. خلصني من كل الذين يضطهدونني، لأنك أنت الإله القوي الذي لا يخيب رجاء المتكلين عليه.”** وهكذا، وسط العاصفة، وجد داود ملجأه في حضرة الله، عالمًا أن العدل الإلهي سينتصر، وأن الرحيم لا يترك أحباءه ينكسَرون إلى الأبد.
وهكذا نتعلم من داود أن نلجأ إلى الله في كل ضيق، حتى عندما تأتي الخيانة من أقرب الناس إلينا، لأنه هو الملجأ الحقيقي والحصن المنيع.