الكتاب المقدس

يشوع بن نون وختان الشعب في الجلجال

**قصة يشوع بن نون وختان الشعب في الجلجال**

في تلك الأيام، بعد أن عبر بنو إسرائيل نهر الأردن بأعجوبة عظيمة، بقيادة يشوع بن نون، خادم الرب الأمين، استقر الشعب في الجلجال، مخيمين على أرض كنعان الموعودة. كان الوقت ربيعًا، والأرض تتنفس رائحة الخصب بعد سنوات التيه في البرية. لكن قبل أن يبدأوا في امتلاك الأرض، كان هناك أمر إلهي عظيم يجب أن يتم.

ففي أحد الأيام، بينما كان يشوع يسير منفردًا متأملًا في خطط الرب، ظهر له رئيس جند الرب بملابس لامعة وسيف مسلول في يده. ارتعد يشوع من المنظر، وسقط على وجهه إلى الأرض وسأل: “هل أنت معنا أم مع أعدائنا؟” فأجاب الرئيس: “لا، بل أنا رئيس جند الرب. الآن قد أتيت!” فأدرك يشوع أن الرب نفسه يتكلم معه، فخلع نعليه لأن المكان مقدس.

ثم أوحى الرب إلى يشوع قائلًا: “اصنع سكاكين من صوان واختن بني إسرائيل ثانيةً.” فقد كان جميع الرجال الذين خرجوا من مصر قد ماتوا في البرية بسبب عصيانهم، أما الجيل الجديد الذي ولد في التيه فلم يختن. وهكذا، أطاع يشوع وصية الرب، وجمع الشعب وأمر بصنع سكاكين حادة من حجر الصوان. وفي يوم واحد، اختن كل الذكور في معسكر إسرائيل، فكانت تلك العملية مؤلمة لكنها ضرورية، لأنها علامة العهد بينهم وبين الله.

وبعد الانتهاء من الختان، قال الرب ليشوع: “اليوم قد دحرت عنكم عار مصر.” فسُمي ذلك المكان “جلجال” لأن الرب دحر العار عنهم. وبقي الشعب في الجلجال يشفون من جراح الختان، بينما كانت أريحا، المدينة العظيمة المحصنة، تقف أمامهم كتحدٍ عظيم.

وفي اليوم الرابع عشر من الشهر، عند المساء، أقام بنو إسرائيل عيد الفصح على أرض كنعان لأول مرة منذ خروجهم من مصر. وأكلوا من غلة الأرض: فطيرًا وحبوبًا محمصة، وفي اليوم التالي توقف المن الذي كان ينزل عليهم في البرية، فلم يعودوا في حاجة إليه، لأن أرض كنعان كانت تفيض بخيراتها.

وهكذا، بتدبير إلهي عجيب، تم إعداد الشعب روحانيًا وجسديًا لخوض المعارك المقبلة. فالله لا يريد أن يقودهم إلى النصر بقوتهم، بل بإيمانهم وطاعتهم. وكان يشوع يعلم أن الرب هو الذي يحارب عنهم، فكل ما عليهم هو الثقة والطاعة.

وبينما كان يشوع يتأمل في هذه الأمور، سمع صوت الرب يقول له: “انظر، قد دفعت إليك أريحا وملكها وجبابرة الحرب. فخذوا حذركم، لأن المعركة ليست لكم بل للرب.” فاستعد يشوع والشعب للخطوة التالية، واثقين في مواعيد الله الصادقة.

وهكذا، كان يوم الختان في الجلجال علامة على بداية فصل جديد في تاريخ إسرائيل، فصل النصر والإيمان، حيث يتعلم الشعب أن البركة لا تأتي إلا بطاعة كلمة الرب.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *