**قصة نشيد الأنشاد الفصل الأول: الحب الأبدي**
في قديم الزمان، بين تلال يهوذا الخضراء المكسوة بأشجار الكرم والتين، كانت هناك فتاة جميلة من بنات أورشليم، تعمل في كروم العائلة. كانت بشرتها سمراء من حرارة الشمس، إذ تعرضت لها طويلاً أثناء حراستها الكروم مع إخوتها. لكن جمالها لم يكن كجمال بنات المدينة البيضاوات اللواتي كنّ يعشن في رفاهية، بل كان جمالاً طبيعياً نابعاً من بساطة القلب ونقاء الروح.
وفي يوم من الأيام، بينما كانت الفتاة واقفة تحت شجرة رمان، تسمع صوت خطوات قادمة من بعيد. فرفعت عينيها لترى رجلاً وسيماً، ملكاً بين الرعاة، قادماً نحوها. كان منظره يفوق الوصف، عيناه كعيني حمامة صافية، وشعره كالذهب المنساب، وجسده كالعاج المصقول. فانحنت خجلاً، لكن قلبها خفق بقوة.
فقال لها الملك برقة: **”هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ.”**
فأجابت الفتاة، وصوتها يخجل: **”هَا أَنْتَ جَمِيلٌ يَا حَبِيبِي وَحُلُوٌّ! أَيْضاً سَرِيرُنَا أَخْضَرُ.”**
ثم نظرت إلى نفسها، متذكرة بشرتها السمراء، فقالت بحزن: **”لاَ تَنْظُرُوا إِلَيَّ لأَنِّي سَوْدَاءُ، لأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ لَوَّحَتْنِي. بَنُو أُمِّي غَضِبُوا عَلَيَّ، جَعَلُونِي نَاطُورَةَ الْكُرُومِ، وَكَرْمِي لِي لَمْ أَنْطُرْهُ.”**
لكن الملك الحبيب لم يهتم بلون بشرتها، بل نظر إليها بحب عميق وقال: **”أَخْبِرِينِي يَا مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، أَيْنَ تَرْعَى؟ أَيْنَ تُرْبِضُ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ؟ فَلِمَاذَا أَكُونُ كَمُتَنَقِّبَةٍ عِنْدَ قُطُوفِ أَصْحَابِكَ؟”**
فأجابها الملك، وصوته كالموسيقى: **”إِنْ لَمْ تَعْرِفِي أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَاخْرُجِي عَلَى آثَارِ الْغَنَمِ، وَارْعَيْ جَدَائِكَ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ.”**
ثم أخذ يصف جمالها قائلاً: **”إِلَى فَرَسٍ فِي مَرْكَبَاتِ فِرْعَوْنَ شَبَّهْتُكِ يَا حَبِيبَتِي. خَدَّاكِ حُلْوَانِ كَقِطْفِ الْآسِ، وَعُنُقُكِ كَطَائِرَةٍ مِنَ الْعَقِيقِ.”**
فتنهّدت الفتاة بحب وشوق، وقالت: **”إِلَى أَنْ يَفِيحَ النَّهَارُ وَتَنْهَزِمَ الظِّلالُ، اذْهَبْ لَكَ وَشَبِّهْ نَفْسَكَ يَا حَبِيبِي بِالظَّبْيِ أَوْ بِغُفْرِ الْأَيَائِلِ عَلَى الْجِبَالِ الْمُشَعَّشَعَةِ.”**
وهكذا بدأت قصة حب عظيم، حب يرمز إلى العلاقة بين الله وشعبه، وبين المسيح والكنيسة. فكما أن العروس تتوق إلى عريسها، كذلك النفس البشرية تتوق إلى الرب. وكما أن الحبيب يرى جمالاً في عروسه رغم عيوبها، هكذا يحبنا الله بكل نقائصنا، ويجد فينا جمالاً من صنعه.
**النهاية.**