**قصة النبي إرميا والرعاة الكذبة**
في تلك الأيام، عندما كانت أورشليم تحت وطأة الخطيئة والفساد، وقف النبي إرميا في هيكل الرب، وامتلأ قلبه بحزن عميق لما رآه من شرور الشعب. فقد تركوا طريق الرب واتبعوا آلهة مزيفة، واستسلموا للظلم والكذب. فرفع إرميا صوته بكلمة الرب، وقال:
**”ويل للرعاة الذين يهلكون ويبددون غنم مرعاي!”**
كانت كلمات الرب قوية وحازمة، تندد بالرعاة الكذبة—الملوك والكهنة والأنبياء الزائفين—الذين خانوا مسؤوليتهم. بدلًا من أن يجمعوا الخراف ويحموها، بددوها في البراري، وتركوها فريسة للذئاب. لم يعودوا يهتمون بالقطيع، بل سعوا وراء مصالحهم، فملأوا الأرض بالظلم.
**”لذلك هكذا يقول الرب إله إسرائيل على الرعاة الذين يرعون شعبي: أنتم قد بددتم غنمي وطردتموها ولم تتعهدوها. ها أنا أؤدبكم على شر أعمالكم!”**
لكن الرب، في رحمته، لم يترك شعبه بلا رجاء. ففي وسط الدينونة، أعلن عن موعد مجيء الراعي الصالح، الذي سيجمع الخراف الضالة ويقودها إلى مراعٍ خضراء.
**”ها أيام تأتي، يقول الرب، وأقيم لداود غصنًا بارًا، فيملك ملكٌ وينجح، ويجري حقًا وعدلًا في الأرض.”**
هذا الملك البار سيكون من نسل داود، لكنه لن يكون كالملوك الفاسدين الذين خانوا العهد. سيكون ملك البر، الذي يحكم بالحق، ويخلص شعبه من الخطيئة والظلم. سيُدعى باسم “الرب برنا”، لأنه سيكون تجسيدًا لعدل الله ورحمته.
أما الأنبياء الكذبة، الذين تنبأوا بالأكاذيب وساروا وراء أحلامهم الشريرة، فقد حذرهم الرب:
**”لأني لم أرسل الأنبياء الكذبة، ولكنهم جروا. لم أكلمهم، ولكنهم تنبأوا. لو وقفوا في مجلسي، لكانوا يخبرون شعبي بكلمتي، ويردونهم عن طريقهم الشرير.”**
هؤلاء الأنبياء كانوا يملأون الشعب بأماني كاذبة، قائلين: “سلام، سلام!” بينما لا سلام. كانوا يبنون الجدران المهترئة بالطلاء، بدلًا من أن يحذروا الشعب من الغضب الآتي. لكن الرب كشف خداعهم، وأعلن أن كلمته مثل النار، ومثل المطرقة التي تحطم الصخر—لا تقاوم ولا تُبطَل.
وفي النهاية، أكد الرب أنه سيدين كل من يعيش في الكذب والفساد، لكنه سيكون ملجأ للذين يطلبون الحق.
**”أما أنا، فها أنا أفتقد كل من هو خاطئ، يقول الرب. ولكن من يسمع كلمتي ويطيعها، فسيكون كشجرة مغروسة عند المياه، تمتد جذورها إلى النهر، ولا تخاف حين يأتي الحر، بل يبقى ورقها أخضر.”**
وهكذا، وقف إرميا شاهدًا على دينونة الله للرعاة الأشرار، لكنه أيضًا بشّر بالرجاء العظيم—مجيء المسيا، الملك البار، الذي سيملأ الأرض معرفة الرب، كما تغطي المياه البحر.