**قصة اختيار الشمامسة (أعمال الرسل 6)**
في تلك الأيام، بينما كانت الكنيسة الأولى تنمو وتزداد قوة في أورشليم، حدث أن اشتكى بعض التلاميذ من التمييز في توزيع المؤن اليومية. فقد كانت الأرامل من أصل يوناني يشعرن بأنهن مهملات في خدمة الموائد مقارنة بالأرامل من أصل عبري. فاجتمع التلاميذ الاثنا عشر، ووقف بطرس، كعادته، ليقود النقاش.
كانت الشمس تميل نحو الغروب، مطلية جدران المدينة بلون ذهبي دافئ، بينما كان الرسل يجلسون في ساحة واسعة حيث اعتاد المؤمنون الاجتماع. ارتفعت أصواتهم بحكمة وهدوء، لأنهم عرفوا أن الروح القدس كان يرشدهم.
قال بطرس بصوته الجهوري: “لا يحسن بنا أن نترك كلمة الله ونخدم الموائد. لذلك، أيها الإخوة، انظروا إلى سبعة رجال منكم، مشهود لهم، مملوئين من الروح القدس وحكمة، فنقيمهم على هذه الخدمة. أما نحن فسنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة.”
استحسن الجميع هذا الرأي، وبدأوا يتشاورون بفرح. وبعد أيام من الصلاة والتمحيص، اختاروا سبعة رجال، كل منهم معروف بإيمانه العميق وحكمته. وكان من بينهم إستفانوس، رجل ممتلئ من الإيمان والروح القدس، وبهاء ونيكانور وبروكورس وغيرهم.
وفي يوم مشهود، أحضروا الرجال السبعة أمام الرسل، الذين وضعوا أيديهم عليهم وصلوا من أجلهم. شعر الحاضرون بنسمة من الروح القدس تهب عليهم، وكأن السماء نفسها تبارك هذا الاختيار. ومنذ تلك اللحظة، انطلق هؤلاء الرجال في خدمتهم بمحبة ونشاط، فازدادت الكنيسة قوة، وصارت كلمة الله تنتشر كالنار في الهشيم.
أما إستفانوس، فكان يعمل بقوة عظيمة، يجري عجائب وآيات بين الشعب، لأن نعمة الله كانت عليه بوفرة. لكن قلوب بعض اليهود من المجمع المسمى “مجمع الأحرار” قد امتلأت غيرة وحقدًا، فبدأوا يتجادلون معه، غير أنهم لم يستطيعوا مقاومة الحكمة والروح الذي كان يتكلم به.
وهكذا، من خلال هذه الأحداث، أظهر الله أن خدمة المحبة والعدل هي جزء لا يتجزأ من بشارة الإنجيل، وأن الروح القدس يقود كنيسته في كل خطوة.