**قصة برج بابل**
في الأيام الأولى بعد الطوفان، عندما كان كل البشر لا يزالون يتكلمون لغة واحدة ويسيرون باتفاق، بدأت قلوبهم تمتلئ بالكبرياء. تجمع الناس في أرض شنعار، وهي أرض خصبة بين النهرين، وقال بعضهم لبعض: “هلمّ نبني لأنفسنا مدينة، وبرجًا يصل إلى السماء! فلنصنع لنا اسمًا، لئلا نتبدد على وجه كل الأرض.”
فأخذوا يصنعون اللبن من الطين ويشوونه بالنار حتى يصبح قويًا كالحجارة، واستخدموا الحمر بدل الطين لربط اللبن بعضه ببعض. وشرعوا في بناء المدينة والبرج، وكانت عزيمتهم قوية، وكل يوم يرتفع البناء أكثر فأكثر، حتى بدا وكأنه سيلمس السحاب.
لكن الرب نظر من علاه إلى المدينة والبرج الذي كان البشر يبنونه، ورأى قلوبهم الممتلئة بالكبرياء والتمرّد. قال الرب في نفسه: “هوذا الشعب واحد ولهم جميعًا لغة واحدة، وهذا ابتداؤهم بالعمل. والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه. فهلمّ ننزل هناك ونبلبل ألسنتهم، حتى لا يفهم بعضهم لغة بعض.”
فنزل الرب ومعه ملائكته، وفي لحظة، ضرب البرج والمدينة بالارتباك. فبدأ العمال يتكلمون فجأة بلغات مختلفة، لا يعرف أحدهم ما يقوله الآخر. صار البناؤون يطلبون الطوب والحمر، لكن من حولهم لا يفهمون كلامهم، فيظنون أنهم يطلبون الماء أو الأدوات. ارتفعت الأصوات بالضيق والغضب، وتوقف العمل فجأة.
انتشر الارتباك بينهم، فلم يعد أحد يفهم الآخر، واضطروا أن يتفرقوا في جماعات حسب لغاتهم الجديدة. توقف بناء المدينة، وسُميت “بابل” لأن الرب هناك بلبل ألسنة كل الأرض. ومن هناك، بدأ الناس ينتشرون في كل اتجاه، كما أراد الرب منذ البداية. وهكذا، تفرق البشر في كل الأرض، وتركوا البرج غير المكتمل خلفهم، كعلامة على كبريائهم وعقاب الرب لهم.
ومنذ ذلك اليوم، صارت اللغات المختلفة بين الشعوب، وصار البرج خرابًا يُذكر الناس بأن طاعة الرب هي الطريق الحكيم، وأن الكبرياء يأتي قبل السقوط.