**قصة مزمور ٧٧: في عمق الليل، حين يئن القلب إلى الله**
في قديم الأيام، في زمنٍ كانت فيه مملكة يهوذا تعاني من ضيقات شديدة، عاش رجل تقي اسمه آساف. كان آساف من اللاويين، خادمًا في هيكل الرب، ومنشدًا لأغاني التسبيح. لكن في إحدى الليالي، وجد نفسه غارقًا في أحزان عميقة، كأن موجات البحر المتلاطمة تضرب قلبه دون توقف.
كانت الأزمات قد أحاطت بالشعب من كل جانب: جيوش الأعداء تهدد، والمحاصيل فشلت، والمرض تفشى بين الأطفال. حتى الكهنة في الهيكل بدأوا يتساءلون: “أين مواعيد الرب؟ هل نسينا نحن شعبه؟” وفي وسط هذه الظلمة، لجأ آساف إلى صومعة صغيرة بالقرب من أورشليم، حيث كان يقضي الليل ساجدًا، باكيًا، يصرخ من أعماقه كما فعل داود من قبله.
**صراخ في الظلام**
رفع آساف عينيه نحو السماء، لكن السحب الكثيفة حجبت النجوم. صرخ بصوت مبحوح:
“يا رب، إلى متى؟ إلى متى تنسىني إلى الأبد؟ إلى متى تحجب وجهك عني؟” (مزمور ٧٧: ٩).
كان يشعر وكأن صلواته ترتد إليه من السقف، غير مصعدة إلى العلي. تذكر أيامًا سابقة حين كان الهيكل ممتلئًا بترانيم الفرح، والآن صارت أصوات البكاء هي السائدة.
**الذاكرة المقدسة**
لكن في وسط هذا اليأس، بدأ آساف يستعيد ذكريات قديمة — قصصًا سمعها من شيوخه عن عجائب الرب. تذكر كيف شق البحر الأحمر أمام موسى، وكيف سار الشعب في قاع البحر بين جدران ماء عالية كالجبال (مزمور ٧٧: ١٦-١٩). تذكر كيف أمطر الرب المن من السماء في البرية، وكيف فجر الصخر فانفجرت منه أنهار ماء.
ثم همس لنفسه:
“هل انتهت رحمة الرب إلى الأبد؟ هل انقضت وعوده لجميع الأجيال؟” (مزمور ٧٧: ٨).
لكن فجأة، كأن نورًا اخترق ظلام قلبه، فأجاب نفسه:
“هذا هو حزني، لكنني سأذكر أعمال الرب. سأذكر عجائبك القديمة، وأفتكر في كل صنائعك” (مزمور ٧٧: ١١-١٢).
**الرجاء الذي يشرق مع الفجر**
بينما كان الفجر يلوح في الأفق، بدأ آساف يكتب كلمات جديدة في درج صغير — كلمات أصبحت فيما بعد مزمورًا يُتلى عبر الأجيال. كتب عن الطريق المخفي في أعماق البحر، عن آثار أقدام الرب التي لا تُرى لكنها موجودة (مزمور ٧٧: ١٩). كتب عن الراعي الذي يقود قطيعه كالخروف الضال، حتى في الوديان المظلمة.
وعندما خرج من صومعته، كان النور الذهبي للشمس يغسل أسوار أورشليم. نظر إلى الهيكل، حيث كان البخور يصعد من مذبح الذهب، فتذكر كلمة الرب لإبراهيم: “لا أنساك ولا أتركك.” في تلك اللحظة، أدرك أن الرب، وإن بدا صامتًا أحيانًا، لا يتغير في محبته. هو نفسه الذي قاد موسى بقوة، وشق البحر بعظمة، هو ذاته الذي يسمع دموع شعبه اليوم.
**ختام القصة**
عاد آساف إلى الهيكل، وحمل قيثارته، وبدأ ينشد ترنيمة جديدة:
“الرب طريقك في البحر، وسبلك في المياه الكثيرة، وآثارك لا تُعرف. قَادَ شعبك كالغنم على يد موسى وهارون” (مزمور ٧٧: ١٩-٢٠).
ومن ذلك اليوم، صار المزمور السابع والسبعون نورًا لكل من يمر في ظلمة الشك، تذكيرًا بأن الله، حتى عندما يصمت، يعمل في الخفاء. وهو الذي قاد قديمًا، سيقود دائمًا، لأن “قدوسك لا ينعس ولا ينام” (مزمور ١٢١: ٤).