**قصة النبي صفنيا واليوم العظيم للرب**
في الأيام التي سبقت سقوط أورشليم، عندما كان شعب يهوذا قد ابتعد عن الرب واتجه لعبادة الأصنام، قام الرب بإرسال النبي صفنيا بن كوشي لتحذيرهم من الدينونة القادمة. كان صفنيا رجلاً تقياً، ممتلئاً بروح الرب، يعرف أن كلمة الله يجب أن تُنقل بلا خوف أو محاباة.
### **الرسالة الأولى: دينونة على يهوذا**
جمع صفنيا الشعب في ساحات أورشليم، حيث كان التجار يبيعون ويشترون، والكهنة الكذبة يقدمون ذبائح باطلة للآلهة الغريبة. صعد النبي على مرتفعٍ ورفع صوته كالرعد:
**”اسمعوا يا شعب يهوذا! هكذا يقول الرب: ‘إني سأجتث كل شيء من على وجه الأرض، الإنسان والحيوان، طيور السماء وحيتان البحر. سأقطع الإنسان من أمام وجهي، يقول الرب!'”**
ارتجف الحاضرون، لأن كلماته لم تكن مجرد تحذير، بل نبوءة عن دمار شامل. وتابع صفنيا:
**”سأمد يدي على يهوذا وعلى كل سكان أورشليم، وسأقطع من هذا المكان بقية البعل، واسم الكهنوت الكاذب مع الكهنة، والذين يسجدون لجند السماء على السطوح، والذين يحلفون بالرب ويحلفون بملكوم.”**
كانت أصنام البعل وعشتاروت قد ملأت المدينة، حتى أن بعض الكهنة كانوا يخلطون عبادة الرب بالطقوس الوثنية. لكن صفنيا أعلن أن الرب لن يتسامح بعد الآن مع هذا الازدواج.
### **الرسالة الثانية: يوم الرب العظيم**
ثم تطلع النبي إلى المستقبل البعيد، فرأى في الرؤيا “يوم الرب العظيم”، اليوم الذي سيكون مخيفاً ومروعاً. وصفه قائلاً:
**”قريبٌ يوم الرب العظيم، قريبٌ وسريعٌ جداً. صوت يوم الرب، يصرخ فيه الجبار مرّاً. ذلك اليوم يوم سخط، يوم ضيق وشدّة، يوم خراب ودمار، يوم ظلام وقتام، يوم سحاب وضباب.”**
تخيل الناس ذلك اليوم، حيث تظلم الشمس، وتتحول الأرض إلى خراب. لم يكن مجرد عقاب على الخطية، بل كان يوم دينونة على كل من تمرد على الله.
**”فسأضيق على الناس فيسيرون كعميٍ، لأنهم أخطأوا إلى الرب. تُسفك دماؤهم كالتراب، وتُلقى لحومهم كالزبل.”**
صمت الحشد، وبدأ البعض يبكون، لأنهم أدركوا أن خطاياهم قد جلبَتْ عليهم غضب الله. لكن صفنيا لم يتوقف عند التحذير فقط، بل أعطاهم بصيص أمل.
### **الرسالة الأخيرة: التوبة والرجاء**
قال صفنيا: **”اطلبوا الرب يا جميع بائسي الأرض الذين فعلوا حكمه. اطلبوا البر، اطلبوا التواضع، لعلكم تُستَرون في يوم سخط الرب.”**
فالرب رحيم، ولا يسر بهلاك الخاطئ، بل برجوعه عن طريقه الشرير. لكن إن استمروا في عنادهم، فإن الدينونة ستأتي لا محالة.
وهكذا، اختتم صفنيا رسالته، تاركاً الشعب أمام خيارين: إما التوبة والنجاة، أو العناد والهلاك. وبعد سنوات، تحققت نبوءته عندما جاءت جيوش بابل ودمرت أورشليم، لكن الذين تذكروا كلمات صفنيا واتجهوا إلى الرب نالوا رحمته في وسط الضيقة.
**وهكذا تبقى كلمة الرب صادقة إلى الأبد، تحذر الخاطئ وتعطي رجاءً للتائب.**