الكتاب المقدس

قصة يابص: الإيمان وبركة الرب في سفر الأخبار

**قصة يابص من سفر أخبار الأيام الأول – الأصحاح الرابع**

في أيام حكم ملوك يهوذا، عندما كانت الأرض تزخر بالخيرات وكان الشعب يعيش بين النعم والاختبارات، ظهر رجل من نسل يهوذا اسمه **يابص**. كان هذا الرجل مميزًا بين إخوته، ليس لجسده القوي أو لثرائه الوافر، بل لقلبه المتواضع وطلبه وجه الرب بإخلاص.

وُلد يابص في مدينة صغيرة بين تلال يهوذا، حيث كان أهله يعيشون حياة بسيطة كفلاحين ورعاة. لكن منذ صغره، لاحظ الجميع أن هناك بركة خاصة تحيط به. كان يتأمل في كلام الرب ويصلي باجتهاد، حتى إن جيرانه كانوا يتحدثون عن نور يبدو في عينيه، كأنه يعكس سلامًا إلهيًا لا يُفسر.

وفي أحد الأيام، عندما كبر يابص وأصبح رجلًا، وقف على تل خارج مدينته ورفع صوته إلى السماء، مصليًا بأعظم صلاة سُجلت عنه: **”يا ليتك تباركني حقًا، وتوسع تخومي، وتكون يدك معي، وتصونني من الشر، فلا يتعبني!”** (أخبار الأيام الأول 4: 10).

كانت هذه الصلاة تنبع من قلب ممتلئ بالإيمان. فلم يطلب يابص القوة من أجل التسلط، ولا الغنى من أجل البذخ، بل أراد أن تكون بركة الرب عليه ليكون خادمًا لعائلته وشعبه. ولأنه صلى بإيمان، **استجاب الله له**، ومنحه كل ما طلبه.

بدأت بركة الرب تظهر في حياة يابص. فاتسعت أراضيه، وأصبحت حقوله تنتج محاصيل وفيرة، حتى إن جيرانه كانوا يتعجبون من كيف أن أرضه لا تتأثر بالجفاف الذي يضرب المنطقة أحيانًا. وكان الرب يحميه من الأعداء، فلا يقدر أحد أن يؤذيه أو يسرق من مواشيه.

لكن أعظم ما ميز يابص لم يكن البركات المادية، بل **حكمته**. فقد عرف كيف يدير ممتلكاته بعدل، وكيف يعامل الفقراء بالرحمة. كان يجلس عند بوابة المدينة ليحل النزاعات بين الناس بحكمة، حتى إنهم بدأوا يطلقون عليه اسم **”المبارك”**.

ومع مرور السنين، صار اسم يابص يُذكر في المحافل كرجل اختبر معونة الله بشكل عجيب. وكان الكهنة واللاويون يستشهدون بصلاة يابص كمثال للإيمان الذي يحرك قلب الرب.

وفي نهاية حياته، جمع يابص أولاده وقال لهم: **”يا أولادي، لا تطلبوا الغنى ولا القوة أولًا، بل اطلبوا بركة الرب، فهو يعطي بسخاء ولا يعير. تذكروا أن يدي الله كانت معي، وهي ستكون معكم إذا ثبتم في عهدهِ.”**

وهكذا، رقد يابص بسلام، ودفن في قبر بين حقول يهوذا الخضراء، تاركًا وراءه إرثًا من الإيمان الذي لا يُنسى.

**الدرس الروحي:**
قصة يابص تعلّمنا أن **بركة الرب هي أغلى من كل كنوز الأرض**. فمن يطلب وجه الله بإخلاص، ينال رضاه وحمايته. صلاة يابص كانت بسيطة لكنها قوية، لأنها خرجت من قلب واثق في محبة الله. فليتنا نتعلم أن نرفع صلواتنا بإيمان، طالبين أن يباركنا الرب ويوسع حدودنا روحيًا، ويحفظنا من كل شر.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *