**قصة أيوب: الامتحان الثاني**
في أرض عوص، كان هناك رجلٌ بارٌ ومستقيم يُدعى أيوب. كان يخاف الله ويحيد عن الشر، وكان الله قد باركه بمالٍ وفيرٍ وبنين وبنات، حتى صار أعظم رجال المشرق. لكن الشيطان، الذي يشاء دائمًا أن يختبر إيمان العباد، وقف مرة أخرى أمام الرب ليتهم أيوب.
وفي يومٍ مجيدٍ من أيام السماء، اجتمع أبناء الله مرة أخرى أمام الرب، وجاء الشيطان في وسطهم. فسأله الرب: “من أين جئت؟” فأجاب الشيطان: “من التجوال في الأرض والتمشي فيها.” فقال الرب للشيطان: “هل تأملت عبدي أيوب؟ فإنه ليس مثله في الأرض، رجلٌ كاملٌ ومستقيم، يخاف الله ويحيد عن الشر، وما زال متمسكًا بكماله، وإن كنت قد أهلكت كل ما له بلا سبب.”
فأجاب الشيطان بخبث: “جلدٌ بجلد، والرجل يُعطي كل ما له لأجل حياته. ولكن ابسط يدك الآن، ومس عظامه ولحمه، وانظر هل لا يجدف عليك في وجهك؟”
فقال الرب للشيطان: “ها هو في يدك، ولكن احفظ نفسه.”
فخرج الشيطان من أمام وجه الرب، وضرب أيوب بقرحٍ رديءٍ من باطن قدمه إلى هامته. فجلس أيوب بين الرماد، وأخذ شقفة ليكتح بها وهو يتألم ألمًا شديدًا.
وفي تلك الأيام، جاءت إليه زوجته، فرأت آلامه العظيمة، فصرخت في يأس: “أما زلت متمسكًا بكمالك؟ بارك الله ومت!”
فالتفت إليها أيوب بحزنٍ لكن بإيمانٍ ثابت، وقال: “تتكلمين كإحدى الجاهلات! أالخير نقبل من عند الله، والشر لا نقبله؟”
وفي كل هذا، لم يخطئ أيوب بشفتيه، ولم ينسب لله جهلاً.
وبقي أيوب جالسًا على الرماد، يحتمل الألم بصبرٍ عجيب، بينما تجتمع حوله زمرة من الأصدقاء لتعزيه، لكنهم بدلًا من أن يخففوا عنه، زادوا من حيرته بتعاليمهم التي لم تفهم عمق اختباره.
وهكذا، ظل أيوب صامدًا في إيمانه، مثبتًا أن محبة الله تفوق كل ألم، وأن إيمان القلب النقي لا تهزه المصائب.
**الخلاصة:**
تُظهر قصة أيوب في الأصحاح الثاني كيف أن الإيمان الحقيقي يثبت في أشد الظلام، وكيف أن الشيطان يحاول دائمًا أن يُزعزع ثقة البشر بالله، لكن النفوس التي تثق في الرب تخرج من المحنة أقوى وأطهر. أيوب، باحتماله، صار مثالًا لكل مؤمنٍ يمر في الضيق، ليُعلّمنا أن الله أمين، وأن كل تجربة هي تحت سيطرته ورعايته.