**الرؤيا والأختام السبعة: قصة القديسين والمختومين**
في تلك الأيام، حين فتح الخروف، الذي هو أسد سبط يهوذا، السادس من الأختام السبعة، حدثت زلزلة عظيمة في السماء والأرض. رأى القديس يوحنا، وهو في الروح على جزيرة بطمس، منظراً مهيباً: أربعة ملائكة واقفين على زوايا الأرض الأربعة، ممسكين برياح العالم كي لا تهب على البحر أو اليابسة أو على شجرة ما. كان هؤلاء الملائكة عظاماً في جبروتهم، ملتحفين بثياب بيض تلمع كالبرق، وأجنحتهم ممتدة كالسحاب في يوم عاصف.
ثم رأى يوحنا ملاكاً خامساً يصعد من مشرق الشمس، معه ختم الله الحي. صوته كالرعد هدر قائلاً للأربعة الملائكة: “لا تُضِرّوا الأرض ولا البحر ولا الأشجار حتى نختم عبيد إلهنا على جباههم!” فامتنعت الرياح، وساد صمت رهيب كأن الزمن توقف انتظاراً لتحقيق التدبير الإلهي.
ورأى يوحنا جمعاً عظيماً لا يُحصى، من كل أمة وقبيلة وشعب ولسان، واقفين أمام العرش وأمام الخروف، متسربلين بثياب بيض، وفي أيديهم سعف النخيل. كانوا يصرخون بصوت واحد: “الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف!” وكان جميع الملائكة واقفين حول العرش والشيوخ والحيوانات الأربعة، فسجدوا على وجوههم أمام العرش وعبدوا الله قائلين: “آمين! البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقوة والعزة لإلهنا إلى أبد الآبدين!”
فسأل أحد الشيوخ يوحنا: “هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض، من أين أتوا؟” فأجاب يوحنا: “سيدي، أنت تعلم!” فقال الشيخ: “هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة، وقد غسلوا ثيابهم وبيضواها في دم الخروف. من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه في هيكله نهاراً وليلاً، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا، ولا تقع عليهم الشمس ولا أي حر، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم.”
فانفتحت عينا يوحنا أكثر، فرأى السماء كأنها بحر من النور، والقديسين يسبحون في مجد لا يُنطق به. كانت أصواتهم كأنها خرير مياه حية، وأجنحة الملائكة ترفرف كألحان لا تنتهي. وكانت رائحة البخور، التي هي صلوات القديسين، تصعد أمام الله كسحابة من البهاء.
وهكذا تمت الرؤيا، لتبقى رجاءً للمؤمنين في كل زمان أن النصرة في النهاية هي لله وللخروف، وأن كل دموعهم ستصير فرحاً، وكل تعبهم مجداً أبدياً.