**قصة دعوة إبرام وعهد الله معه**
في قديم الزمان، في أرض أور الكلدانيين، حيث كانت الأصنام تُعبد من دون الله، كان هناك رجل تقي اسمه **إبرام بن تارح**. وكان إبرام رجلاً باراً، يسير في طرق الرب، مميزاً بين قومه الذين ضلوا بعبادة الأوثان. وفي يوم من الأيام، ظهر له **الله** بكلام واضح وصريح، قائلاً:
**”اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة. وأبارك مباركيك، وألعن لاعنيك. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض.”**
كان الكلام واضحاً، لكنه صعبٌ في التنفيذ. كيف يترك إبرام أرضه التي عاش فيها كل حياته؟ كيف يترك عشيرته وبيت أبيه ويذهب إلى مكان مجهول؟ لكن إبرام لم يشك في وعد الله. فجمع زوجته **ساراي**، وابن أخيه **لوطاً**، وكل ممتلكاتهما، وخرجوا كما أمره الرب.
بدأت الرحلة الطويلة عبر البراري والجبال، حيث ساروا نحو أرض **كنعان**. وعندما وصلوا إلى هناك، ظهر الرب لإبرام مرة أخرى وقال له: **”لنسلك أعطي هذه الأرض.”** فبنى إبرام مذبحاً للرب هناك، وشكر الله على وعده العظيم.
لكن لم تكن الأرض خالية، بل كانت تعج بأقوامٍ أقوياء. وزادت المحنة عندما ضرب **جوعٌ شديدٌ** الأرض، فاضطر إبرام أن ينزل إلى مصر لئلا يهلك هو وأهل بيته. وفي الطريق، خاف إبرام على حياته، لأن زوجته ساراي كانت جميلة جداً، فخشي أن يقتله المصريون ليأخذوها. فقال لها: **”قولي أنك أختي، حتى يحسنوا إليّ من أجلك.”**
وعندما دخلوا مصر، رأى أمراؤها جمال ساراي، وأخذوها إلى بيت فرعون. لكن الرب ضرب فرعون وبيته بضربات عظيمة بسبب ساراي، فعرف فرعون الحقيقة، فدعا إبرام وقال له: **”ماذا فعلت بي؟ لماذا لم تخبرني أنها امرأتك؟ لماذا قلت إنها أختك حتى أخذتها؟”** ثم ردّ فرعون ساراي إلى إبرام، وأعطاه هدايا كثيرة من أغنام وبقر وعبيد، وأمرهم بمغادرة مصر.
عاد إبرام إلى أرض كنعان، ومعه خيرات كثيرة، وكذلك لوط. لكن الأرض لم تكن تتسع لهما معاً، فحدثت مشاجرة بين رعاة مواشي إبرام ورعاة مواشي لوط. فقال إبرام للوط: **”لا تكن مخاصمة بيني وبينك، لأننا نحن أخوان. الأرض كلها أمامك، افترق عني. إن ذهبت شمالاً فأنا أذهب يميناً، وإن ذهبت يميناً فأنا أذهب شمالاً.”**
فاختار لوط منطقة **سدوم**، التي كانت خصبة لكن أهلها أشرار. أما إبرام فسكن في أرض كنعان. وبعد ذلك، كلم الرب إبرام مرة أخرى قائلاً: **”ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، لأن جميع الأرض التي ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد. وأجعل نسلك كتراب الأرض. فإذا استطاع أحد أن يعد تراب الأرض، فنسلك أيضاً يعد.”**
فصدق إبرام الرب، وحسبه له براً. ثم أقام إبرام مذبحاً آخر للرب، شاكراً له على وعده الأمين.
وهكذا بدأت قصة إبرام، الذي سيصبح لاحقاً **إبراهيم**، أبو المؤمنين، والذي من نسله جاءت البركة لكل الأمم. لقد كان إبرام مثالاً للإيمان والطاعة، حيث ترك كل شيء وتبع الله، واثقاً بأن وعده صادق وأمين.
وهكذا تظهر لنا بداية عهد الله مع البشر من خلال هذه القصة العظيمة، حيث اختار الله رجلاً واحداً ليصنع منه أمة مقدسة، تتبارك بها جميع شعوب الأرض.