الكتاب المقدس

قصة راعوث وبوعز الفصل الأخير

**قصة راعوث وبوعز: الفصل الأخير**

في اليوم التالي، مع شروق الشمس الذهبية التي ألقت أشعتها الدافئة على حقول بيت لحم، نهض بوعز باكرًا كما كان معتادًا. كان يعرف أن أمامه مهمة عظيمة يجب أن يتممها، فهي لا تتعلق بمستقبله فقط، بل بمستقبل راعوث الأرملة الموآبية التي أظهرت إيمانًا عظيمًا بإله إسرائيل.

توجه بوعز إلى بوابة المدينة، المكان الذي كانت تُحسم فيه القضايا الهامة. جلس هناك منتظرًا، وبينما كان الناس يبدأون بالتجمع لأعمالهم اليومية، رأى القريب الذي كان له الحق في الفداء قبل بوعز. ناداه بوعز قائلًا: “تعال يا صديقي واجلس هنا.” فجاء وجلس. ثم دعا بوعز عشرة رجال من شيوخ المدينة ليكونوا شهودًا على ما سيحدث.

بدأ بوعز الحديث بكل حكمة ووضوح، وقال للقريب: “نعمي التي عادت من موآب تبيع قطعة الأرض التي كانت لإليمالك زوجها. وأنت الأقرب بيننا، ولك الحق في فدائها قبل أي أحد. إن أردت أن تفديها، فافعل، ولكن إن لم ترغب، فأخبرني لأن لا أحد غيرك له هذا الحق، وأنا بعدك.”

فأجاب الرجل بسرعة: “أنا أفديها.”

لكن بوعز كان يعرف أن هناك أمرًا آخر يجب ذكره، فأضاف: “في اليوم الذي تشتري فيه الأرض من نعمي، تشتري أيضًا راعوث الموآبية، امرأة مخلون، لكي تقيم اسم الميت على ميراثه.”

عندما سمع الرجل ذلك، تغيرت ملامحه، وبدا عليه التردد. فكر للحظة ثم قال: “لا أستطيع أن أفديها لئلا أُفسد ميراثي. فخذ أنت حقي في الفداء لأنني لا أستطيع.”

وكانت هذه العادة في إسرائيل قديمًا، أنه إذا تنازل أحد عن حقه في الفداء، كان يخلع حذاءه ويعطيه للطرف الآخر علامة على الاتفاق. فخلع الرجل حذاءه وسلمه لبوعز قائلًا: “خذ حقك.”

فالتفت بوعز إلى الشيوخ والحاضرين وقال: “أنتم شهود اليوم أنني قد اشتريت كل ما كان لإليمالك وكليون ومخلون من يد نعمي. وأيضًا، أخذت راعوث الموآبية امرأة مخلون زوجة لي، لإقامة اسم الميت على ميراثه، حتى لا يُمحى اسمه من بين إخوته ومن بوابة مدينته. أنتم شهود على هذا اليوم.”

فأجاب الشيوخ وجميع الحاضرين: “نحن شهود. ليجعل الرب المرأة التي تدخل بيتك كراحيل ولا كليون اللتين بنتا بيت إسرائيل. وليكن بيتك مشهورًا في بيت لحم، وليكن نسلك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا.”

وهكذا تمم بوعز ما وعد به راعوث، وأخذها زوجة له. باركها الرب فحبلت وولدت ابنًا سمته نعمي “عوبيد”، وهو أبو يسى أبو داود.

وامتلأ قلب نعمي فرحًا، فقد أعاد الرب لها الفرح بعد سنوات من المرارة. وكانت النساء يقلن لها: “مبارك الرب الذي لم يحرمك اليوم من فادٍ، وليكن اسمه مشهورًا في إسرائيل. وهو يكون لكِ معيدًا للنفس ومُسندًا في شيبتك، لأن كنتنك التي أحبتك، وهي خير لك من سبعة بنين، قد ولدته.”

وهكذا، من سلسلة هذا الزواج المبارك، جاء داود الملك، ومن نسله جاء المسيح، ليكمل قصة الفداء العظيم التي بدأت بإيمان امرأة موآبية قالت لنعمي: “شعبك شعبي، وإلهك إلهي.”

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *