الكتاب المقدس

قصة بناء هيكل سليمان وعهد الله معه

**قصة بناء هيكل سليمان وعهد الله معه**

في تلك الأيام، بعد أن أكمل الملك سليمان بناء هيكل الرب وقصره الملكي بعد سنواتٍ من الجهد والعمل الدؤوب، ظهر الرب له مرةً ثانية كما ظهر له من قبل في جبعون. وكانت قد مضت عشرون سنةً على حكم سليمان، وقد انتهى من تشييد الهيكل المقدس وقصر العرش، فامتلأ قلبه فرحًا وسلامًا.

وفي ليلةٍ هادئة، بينما كان سليمان مستغرقًا في الصلاة والتأمل في عظمة ما صنعه لاسم الرب، سمع صوتًا يهز أعماق قلبه. فإذا به يرى مجد الرب يملأ الهيكل كما حدث يوم تدشينه، وسمع صوت الرب يقول له:

**”قد سمعتُ صلاتك وتضرعك الذي تضرعتَ به أمامي. قدَّستُ هذا البيت الذي بنيتُه لأسكن فيه إلى الأبد، وعيناي وقلبي يكونان هناك كل الأيام.”**

ارتعد سليمان من عظمة الكلمات، فسجد على وجهه أمام قدس الأقداس، بينما استمر صوت الرب يرن في أذنيه:

**”وأنت إن سلكتَ أمامي كما سلك داود أبوك بسلامة قلبٍ واستقامة، وعملتَ حسب كل ما أوصيتُك به، وحفظتَ فرائضي وأحكامي، فإنّي أُثبّت عرش ملكك على إسرائيل إلى الأبد، كما كلمتُ داود أباك قائلاً: لا يُنقطع لك رجلٌ من على كرسي إسرائيل.”**

لكنّ صوت الرب استمر بجديةٍ وحزم:

**”ولكن إن أنتم انقلبتم عنّي، أنت أو بنوك، ولم تحفظوا وصاياي وفرائضي التي جعلتُها أمامكم، وذهبتم وعبدتم آلهةً أخرى وسجدتم لها، فإنّي أقطع إسرائيل عن وجه الأرض التي أعطيتهم إياها، وهذا البيت الذي قدَّسته لاسمي أطرحه من أمامي، فيكون إسرائيل مثلاً وهزأةً في جميع الشعوب. وهذا البيت الذي كان شريفًا، كل منّ يعبر به يتعجّب ويصفر، ويقول: لماذا صنع الرب هكذا لهذه الأرض ولهذا البيت؟ فيجيبون: لأنّهم تركوا الرب إلههم الذي أخرج آباءهم من أرض مصر، وتمسّكوا بآلهةٍ أخرى وسجدوا لها وعبدوها، لذلك جلب الرب عليهم كل هذا الشر.”**

انتهى الكلام، وارتفع مجد الرب من الهيكل، تاركًا سليمان في حالةٍ من الخشوع والرهبة. أدرك الملك في تلك اللحظة عِظَم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فجثا على ركبتيه من جديد وصلى بصوتٍ خاشع:

**”يا رب، أنت الإله العظيم الذي يحفظ العهد والرحمة لعبيدك الذين يسيرون أمامك بكل قلوبهم. فلتكن عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلاً ونهارًا، واسمع صلوات شعبك عندما يتضرعون في هذا المكان. اغفر لهم عندما يخطئون ويرجعون إليك تائبين، ولا تطرحهم من أمام وجهك.”**

ثم قام سليمان وبدأ في تدبير أمور المملكة بحكمةٍ أكبر، مدركًا أن البركة ليست في المباني العظيمة، بل في الطاعة والوفاء للرب. وأصدر أوامره بتعزيز حصون المملكة، وبناء المدن والمخازن، وأرسل سفنًا إلى أوفير لجلب الذهب والعطايا، فازدهرت أيامه، وعاش الشعب في رخاءٍ وسلام.

لكن مع مرور السنين، بدأت القلوب تميل إلى الكبرياء والغنى، ونسي البعض عهد الرب. لكن تلك قصةٌ أخرى…

وهكذا تمت كلمة الرب لسليمان، الذي عاش في بداية عهده بحكمةٍ ومخافة الله، لكنّ التاريخ سيُسجّل فيما بعد كيف أن القلوب تتغير، وكيف أن النعمة تحتاج إلى توبةٍ دائمة.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *