**قصة الحكمة من أمثال 24**
في قديم الزمان، في مدينة صغيرة تسمى “شاليم”، كان هناك رجل حكيم يُدعى أليفاز. كان معروفًا بين الناس بحكمته البالغة وفهمه العميق لطرق الرب. كان أليفاز يجلس كل يوم عند بوابة المدينة، يستمع إلى مشاكل الناس ويعطيهم النصح بناءً على كلمة الله. وكان دائمًا ما يردد أقوالًا من سفر الأمثال، خاصةً الأمثال التي تتحدث عن الحكمة والقوة والعدل.
في أحد الأيام، بينما كان أليفاز جالسًا في ظل شجرة زيتون، جاء إليه شابٌّ يُدعى يوناثان. كان يوناثان شابًا طموحًا، لكنه كان متسرعًا في قراراته، وكثيرًا ما يقع في المشاكل بسبب عدم صبره. جلس يوناثان أمام الحكيم وقال له: “يا معلم، أريد أن أصبح رجلًا عظيمًا، أريد أن يكون لي بيت كبير وأرض واسعة، لكن كلما حاولت، واجهت الفشل. ماذا أفعل؟”
نظر أليفاز إلى الشاب بعينين حكيمتين وقال: “يا بني، اسمع ما يقوله سفر الأمثال: ‘بِالْحِكْمَةِ يُبْنَى الْبَيْتُ، وَبِالْفَهْمِ يَتَثَبَّتُ. وَبِالْمَعْرِفَةِ تُمْتَلأُ الْمَخَادِعُ مِنْ كُلِّ ثَرْوَةٍ كَرِيمَةٍ وَطَيِّبَةٍ.’ (أمثال 24: 3-4). الحكمة هي الأساس، وبدونها، كل ما تبنيّه سينهار.”
تعجب يوناثان وقال: “ولكن كيف أحصل على هذه الحكمة؟”
أجاب أليفاز: “الحكمة تبدأ بخوف الرب. اقرأ كلمته، صلِ بانتظام، واطلب مشورة الحكماء. ولا تكن كالكسول الذي يهمل عمله، فيصير حائطه منهدمًا.” ثم أخذ الحكيم يشرح له مثلًا من الأمثال: “رَأَيْتُ كَسْلاً فَاحْتَرَزْتُ. نَظَرْتُ إِلَى الْبُسْتَانِ فَرَأَيْتُهُ قَدْ نَبَتَ كُلُّهُ شَوْكًا، وَطُرِقَهُ الْحَصْبَاءُ، وَانْهَدَمَ جِدَارُهُ.” (أمثال 24: 30-31).
استمع يوناثان بانتباه، ثم سأل: “لكن ماذا لو واجهت أعداءً أو ظلمًا؟ كيف أتصرف؟”
ابتسم أليفاز وقال: “يقول الكتاب: ‘لاَ تَقُلْ: كَمَا فَعَلَ بِي أَفْعَلُ بِهِ. أَجْزِي كُلَّ إِنْسَانٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.’ (أمثال 24: 29). لا تنتقم بنفسك، بل ثق بأن الرب هو الذي يدافع عنك. وانتبه أيضًا إلى أصدقائك، لأن الأمثال تقول: ‘لاَ تُسَاوِمِ الْخَاطِئَ. لاَ تَحْسُدِ الأَثِيمَ، لأَنَّهُ لاَ يُوجَدُ مُسْتَقْبَلٌ لِلشِّرِّيرِ.’ (أمثال 24: 19-20).”
بعد ذلك، بدأ يوناثان يطبق كلمات الحكيم في حياته. تعلم أن يكون صبورًا، وأن يعمل باجتهاد، وأن يثق في عدل الرب. وبمرور الوقت، نما في الحكمة والنعمة، وأصبح رجلًا محترمًا في المدينة، ليس بسبب ثروته، بل بسبب حكمته وتقواه.
وفي يوم من الأيام، عاد يوناثان إلى أليفاز وقال له: “لقد فهمت الآن أن البركة الحقيقية هي في طاعة الرب، وأن الحكمة أثمن من الذهب. شكرًا لأنك علمتني طريق الحق.”
هنالك، تذكر أليفاز كلمات الأمثال مرة أخرى: “اَلْحِكْمَةُ لِلْحَكِيمِ مَعَزَّةٌ، وَالْمَعْرِفَةُ لِذَوِي الْفَهْمِ.” (أمثال 24: 5). فابتسم وشكر الرب لأن كلمته لا ترجع فارغة، بل تثمر في حياة من يسمعها ويعمل بها.
وهكذا، أصبحت قصة يوناثان وأليفاز مثالًا يُضرب في مدينة شاليم، تذكيرًا للجميع بأن طريق الحكمة هو طريق الحياة، وأن من يبني بيته على مخافة الرب، فإن أساسه لن يتزعزع إلى الأبد.