**قصة مبنية على المزمور 123: عيوننا نحو الرب**
في أيامٍ قديمة، في مملكة يهوذا، عاش شعبٌ مُضطهد تحت نيرِ حكامٍ قساة. كانوا يُعانون من الازدراء والاحتقار، حتى أن كبرياء الظالمين صار كالسيف الحاد على رقابهم. في إحدى القرى الصغيرة عند سفوح جبال أورشليم، عاشت عائلةٌ تقيةٌ تتكون من أبٍ يُدعى ألياقيم، وامرأته شُولَميت، وابنيهما الصغيرين.
كان ألياقيم رجلاً حكيماً، يعلم أن ملجأه الوحيد هو الرب. كل صباح، كان يجمع عائلته ويقول: “لنرفع عيوننا نحو الرب، إلهنا، حتى يرحمنا”. وكان يُعلّم أولاده أن ينظروا إلى السماء بخشوع، كما ينظر العبد إلى يد سيده، والأمة إلى يد مولاتها، منتظرين الرحمة والإغاثة.
وفي أحد الأيام، اشتد الاضطهاد على القرية. جاء جنودُ الحاكم الظالم وفرضوا ضرائب باهظة، حتى أن الفقراء لم يعودوا يقدرون على شراء خبزهم. سخر الجنود من أهل القرية وقالوا: “أين هو إلهكم الذي تنتظرون منه الخلاص؟”. لكن ألياقيم ظل ثابتاً، يُذكّر أهله بقول المزمور: “ارْحَمْنَا يَا رَبُّ ارْحَمْنَا، فَقَدِ امْتَلَأْنَا مِنَ الِازْدِرَاءِ”.
وبينما كانت شولَميت تُعدّ الخبز الشحيح لأولادها الجائعين، سمعت صوت بكاء من الجيران. خرجت لترى امرأةً عجوزاً تبكي لأن الجنود أخذوا آخر ما تملكه من طعام. عندها، جمعت شولَميت النساء وقالت: “لا تخفن، فلننظر جميعاً إلى الرب، فهو لن يتركنا للأبد”. صلين بخشوع، ورفعن عيونهن نحو السماء، كأنهن ينتظرن إشارةً من الله.
وفي تلك الليلة، بينما كان القرية نيام، هبّت ريحٌ عاتية، ثم سمعوا صوت رعودٍ قوية. لكن بدلاً من المطر، أمطرت السماء طعاماً! حبوباً من القمح والزيتون سقطت كالمنّ الذي أعطاه الله لأجدادهم في البرية. استيقظ الجميع مذهولين، ورأوا أن مخازن القرية قد امتلأت فجأةً بالخير الوفير. حتى أن الجنود الذين سخر منهم أهل القرية هربوا خائفين، قائلين: “إن إله هؤلاء الناس عظيم!”
في الصباح، اجتمع أهل القرية حول ألياقيم، الذي رفع يديه نحو السماء وقال: “ها قد رأيتم رحمة الرب! هو لم يتركنا، بل نظر إلى اتضاعنا وسمع صراخنا”. ومن ذلك اليوم، تعلم الجميع أن رفع العيون إلى الرب ليس مجرد كلمات، بل إيمانٌ حي بأن الله سيُجيب عندما يحين الوقت المحدد.
وهكذا، عاشوا بتذكارٍ دائم لكلمات المزمور: “إِلَيْكَ رَفَعْنَا أَعْيُنَنَا، يَا رَبُّ، نَظَرْنَا إِلَيْكَ حَتَّى تَرْحَمَنَا”. فالله، في زمانه الكامل، لا يتخلى عن الذين يتوكلون عليه.