الكتاب المقدس

بولس وسيلا يكرزان بالإنجيل في تسالونيكي

**قصة من رسالة تسالونيكي الأولى: الإصحاح الثاني**

في مدينة تسالونيكي، حيث كانت الشمس تشرق على البيوت الحجرية والشوارع الضيقة، اجتمع المؤمنون الجدد في سرية ليسمعوا كلمة الرب. كان الرسول بولس ورفيقه سيلا قد جاءا إليهم بعد معاناة كبيرة في فيلبي، لكن قلوبهما كانتا ممتلئتين بشجاعة الروح القدس.

بدأ بولس يتحدث بصوته الهادئ لكنه القوي: “أيها الإخوة، أنتم تعرفون أن زيارتنا لكم لم تكن باطلة. لقد عانينا من الألم والعار في فيلبي، لكننا بثقة في إلهنا تجرأنا أن نكرز لكم بإنجيل الله في وسط جهاد شديد.”

كانت عيون الحاضرين تتأمل بولس باهتمام، وهو يروي كيف أن خدمتهم بينهم كانت نقية ومخلصة، لا تبحث عن مجد بشري، بل عن رضى الله الذي يختبر القلوب. “لم نأتِ إليكم بكلام تملق، ولا بغطاء للطمع، الله شاهد على ذلك. ولم نطلب مجدًا من الناس، لا منكم ولا من غيركم.”

ثم أدار بولس نظره إلى سيلا، الذي أضاف: “كنا نستطيع أن نكون ثقلًا عليكم كرسل للمسيح، لكننا كنا لطفاء بينكم، كالأم التي تحتضن أولادها. هكذا، في محبة شديدة، كنا مستعدين أن نشارككم ليس فقط إنجيل الله، بل حتى أنفسنا، لأنكم صرتم أحباء لنا.”

تذكر المؤمنون تلك الأيام الأولى، كيف كان بولس وسيلا يعملان ليلًا ونهارًا كي لا يكونا عبئًا على أحد. كانا يصنعان الخيم بيديهما، ويبشران في الوقت نفسه، ليكونا قدوة في الكد والتواضع.

“أنتم تشهدون، والله أيضًا، كيف أن تصرفنا بينكم كان مقدسًا وبريئًا وبلا لوم”، تابع بولس. “وكأننا أبٌ لأولاده، نعظ كل واحد منكم ونشجعه على السير بطرق الله، الذي يدعوكم إلى ملكوته ومجده.”

ثم تغيرت نبرة صوت بولس إلى صوت حزين عندما تذكر الاضطهاد الذي عاناه المؤمنون: “لذلك نحن أيضًا نشكر الله بلا انقطاع، لأنكم إذ تسلمتم كلمة الله منا، قبلتموها لا ككلام بشر، بل كما هي بالحقيقة، كلمة الله التي تعمل فيكم أنتم المؤمنين.”

أحس الجميع بقوة الكلمات، وكأن نعمة الله تلامس قلوبهم من جديد. تذكر المؤمنون كيف أنهم، مثل كنائس اليهودية، تألموا من أهلهم وجيرانهم، لكنهم صمدوا في الإيمان.

اختتم بولس كلامه بتعزية قوية: “أيها الإخوة، لقد صرتم مثالًا لكل المؤمنين في مكدونية وآخائية. فمنكم انتشرت كلمة الرب، ليس فقط في هذه المنطقة، بل في كل مكان. نحن لا نحتاج أن نقول أكثر، لأن الجميع يروون إيمانكم العظيم بالله.”

وبينما كانت الشمس تغرب خلف جبال تسالونيكي، شعر الجميع بأنهم جزء من قصة أكبر، قصة ملكوت الله الذي لا يتزعزع. وعرفوا أن بولس وسيلا، وإن كانا بعيدين جسديًا، فإن قلوبهما تظل معهم، مشتاقة أن يروهما وجهًا لوجه مرة أخرى.

وهكذا، في وسط الاضطهاد والمحبة، استمرت كلمة الرب تنمو وتثمر في قلوب المؤمنين الأوفياء في تسالونيكي.

LEAVE A RESPONSE

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *